بقلم: سليمان جودة
لم تعجبنى اللهجة التى تكلم بها صندوق النقد الدولى، وهو يصرف الشريحة الجديدة من القرض المتفق عليه معنا فى ٢٠٢٢، ولا أعجبتنى الصيغة التى أعلن بها موافقته على الصرف.
فالصندوق كان قد أشاع مُسبقاً فى الأجواء من حوله، أنه سوف ينظر فى أمر الشريحة التى تبلغ ٨٢٠ مليون دولار.. وكانت السيدة كريستينا جورجيڤا، مديرة الصندوق، قد التقت الدكتور أحمد كجوك، وزير المالية، أثناء حضوره اجتماعات مجموعة العشرين فى البرازيل قبل أيام.. وعندما جمعها لقاء مع الوزير تكلمت ولسان حالها يقول: هنشوف! .
كان الموعد المقرر للنظر فى الشريحة هو ٢٩ يوليو، وكانت اجتماعات مجموعة العشرين قبل هذا اليوم بساعات معدودة، وكانت الست كريستينا تتحدث بلهجة يفهم منها المتابع أن الصندوق سوف ينظر فى الأمر عندما يأتى أوانه، وكان ذلك من قبيل اللعب بأعصاب الحكومة ليس أكثر، وأكاد أقول اللعب بأعصاب بسطاء المصريين الذى يتحسسون جيوبهم كلما جاءت سيرة الصندوق على أى لسان أو فى أى محفل!.
ولا يكاد المرء يتصور أن شريحة متواضعة كهذه يتم النظر فى أمرها فى نفس يوم إقرارها.. فهذه مسائل تتقرر قبلها بالتأكيد.. أما أن يقال قبلها بساعات إن الصندوق سيجتمع لينظر، فهذا فى الحقيقة هو أسلوب الصندوق الذى نعرفه.. فهو ليس مؤسسة خيرية بالتأكيد.
ومما قاله الصندوق وهو يصرف هذه الشريحة الجديدة، إنه يسمح للقاهرة بسحبها، وإنه يدعو حكومتنا إلى المزيد من الإصلاح من خلال كذا وكذا!.. ثم راح يعدد الملفات التى سيكون على الحكومة أن تتعهدها بالإصلاح!.
وقد استفزنى فعل «يسمح» هذا، لأنه لا يليق أن يقال إن الصندوق وافق على صرف الشريحة، فهذا هو ما عشنا نسمعه منه فى مرات سابقة ونقرؤه.. أما أن يقال إنه سمح، فهذه فى الحقيقة لغة أو لهجة جديدة، والغالب أنه قصد هذه الصيغة غير اللائقة.. وقد شعرت بأن مصر الكبيرة لا تستحق أن يخاطبها الصندوق أو سواه بهذه اللهجة.
لا أستريح إلى الصندوق، لأن له سياساته التى يطبقها بالقلم والمسطرة، وهو يفعل ذلك مغمض العينين دون أن يفرق بين حكومة هنا أو أخرى هناك!.