زيارة البابا رسالة محبة وسلام مقابل صواريخ الحوثي وإيران

زيارة البابا... رسالة محبة وسلام مقابل صواريخ الحوثي وإيران

زيارة البابا... رسالة محبة وسلام مقابل صواريخ الحوثي وإيران

 العرب اليوم -

زيارة البابا رسالة محبة وسلام مقابل صواريخ الحوثي وإيران

بقلم - سليمان جودة

في سنين مضت تمنى البابا يوحنا بولس الثاني، لو يستطيع زيارة أرض العراق، ولكن الظرف في أيامه لم يسعفه، فرحل عن منصبه وفي نفسه شيء من العراق!
ثم جاء من بعده البابا فرنسيس الأول، فبدا كأنه قد عاهد نفسه على أن يحقق أمنية سلفه التي لم يكتب لها الله أن ترى النور، وكان أن حدد الخامس من هذا الشهر موعداً للزيارة، ثم لم يفكر في تأجيلها ولا بالطبع في إلغائها، رغم هذا التوتر الذي لا يكاد يتوارى في أرض العراق حتى يعود إليها من جديد!
فقبل موعد الزيارة بأيام كانت صواريخ قد انطلقت في اتجاه مطار أربيل في شمال البلاد، ولم يكن خافياً على أحد أن هذه الصواريخ كما تبين من فحص بقاياها، ليست سوى رسائل سياسية إيرانية مقصودة تريد طهران من ورائها مخاطبة عدد من الأطراف في المنطقة وخارجها، وفي المقدمة من هذه الأطراف تأتي الولايات المتحدة بالأساس!
وقبل إتمام الزيارة بساعات كانت عشرة صواريخ قد هاجمت قاعدة «عين الأسد» العسكرية في منطقة الأنبار غرب العراق، وكان مما اتضح بعدها أنها من نوع صواريخ «غراد» الإيرانية الصنع، ولم تكن الرسائل السياسية هنا في الأنبار تختلف عنها هناك في أربيل، ففي الحالتين كانت حكومة المرشد خامنئي في العاصمة الإيرانية تمارس لعبتها التي لم تعد جديدة!
إنها تعرف أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لا تزال تتحسس مواقع أقدامها في المنطقة، وربما لا تزال تحسب وتجمع وتطرح، وتريد حكومة خامنئي مما تفعله وتمارسه في أربيل مرة، وفي الأنبار مرة ثانية، وفي غيرهما مرات، أن يوضع هذا كله في الحسبان عند إجراء عمليات الجمع والطرح والحساب، التي لا بد أن الإدارة في واشنطن تقوم بها هذه الأيام!
وكلنا لا بد قد تابع الناصرية في جنوب العراق، وهي تشتعل بأعمال الشغب التي أعطت صورة مقلقة عما يدور في بلاد الرافدين. حدث ذلك في توقيت كان تالياً لمجيء إدارة بايدن إلى مقاعد الحكم، وكان سابقاً على الزيارة المحدد موعدها سلفاً، ولا يمكن بالتالي أن يكون هذا في مجمله قد جاء هكذا عفو الخاطر، ولا أن تكون كائنات فضائية هي التي هبطت لتحرك الأحداث في هذه اللحظات على وجه التحديد، وبهذه الوتيرة المتسارعة في هذا التوقيت على وجه الخصوص!
ولم يكن من الجائز فصل صواريخ الجماعة الحوثية، وهي تستهدف الأراضي السعودية بالتوازي، عن صواريخ الأنبار ومعها صواريخ أربيل. فاليد الضاغطة على الزناد في الحالات الثلاث تبدو واحدة، حتى ولو أمعنت في التخفي وراء أكثر من ستار!
وعندما ذكر العميد تركي المالكي، المتحدث باسم قوات تحالف دعم الحكومة الشرعية في اليمن، أن 526 طائرة مُسيّرة جرى إطلاقها في اتجاه أرض المملكة خلال السنوات الأخيرة، وأن 346 من الصواريخ قد استهدفت مواقع سعودية في الجنوب، كان هذا معناه ليس فقط أن العبث بأمن المنطقة قديم، ولكنه متواصل ضمن نهج إيراني عام لا تغيب ملامحه على أحد!
وسط هذه الأجواء الغائمة جاءت زيارة البابا، ولم تفلح كل هذه الرسائل السياسية المخيفة، في تأجيل زيارته ولا في إلغائها، وعندما راجت أنباء عن التأجيل أو الإلغاء، فإن الرجل بنفسه كان أحرص الناس على نفي كل ما يروّج ويقال، وعلى أن تتم الزيارة في موعدها المضروب!
ولا بد أن ذلك التوجه من جانبه كان سعياً إلى القول بأن المنطقة في حاجة إلى أن تستقبل أمثاله من الرجال، وأنها في حاجة إلى أن ترسل خلال استقباله من رسائل المحبة والسلام ما يبدد قدر الإمكان رسائل الخوف التي تحملها صواريخ الحوثي والأنبار وأربيل!
لم يكن يريد زيارة الموصل في الشمال وفقط، حيث الموطن التقليدي للمسيحيين في أرض الرافدين، ولكنه كان يرغب في أن يحل ضيفاً على بغداد العاصمة، وفي أن يرأس صلاة موحدة في مدينة أور في الجنوب، حيث جاء إلى الدنيا على أرضها أبو الأنبياء إبراهيم، عليه السلام!
إن الديانات الثلاث تنتسب إلى سيدنا إبراهيم، والصلاة التي يشارك فيها مسلمون ومسيحيون ويهود وغيرهم على أرض أور، تعني أن العراق مدعوّ إلى أن يتسع للجميع، وأن هذه المنطقة التي استقبلت ديانات السماء أولى بأن تنعم بالسلام، الذي لا تخلو ديانة سماوية من التبشير به، والدعوة إليه، والحض عليه!
وكان لا بد أن يدعو البابا خلال زيارته إلى أن يصمت السلاح، وأن يبقى التنوع، وأن يحل التعايش في محل الاختلاف، فهذه دعوة من رجل يعرف كم عانى العراق من السلاح الذي لا يريد أن يصمت، وكم اصطلى ناراً من الخلاف الذي حوّل التنوع من نعمة إلى نقمة، وكم دفع من أثمان لحضور الاختلاف وغياب التعايش رغم أنه أولى القيم بالحضور!
وقد كان سعد باشا زغلول يقول في القاهرة مطلع القرن العشرين: «يعجبني الصدق في القول، والإخلاص في العمل، وأن تقوم المحبة بين الناس مقام القانون»!
وحين ظهر البابا في زيارته باللون الأبيض الذي يميز ثيابه وغطاء رأسه، فإنه بدا كأنه يعيد إحياء المعنى في مسرحية «هبط الملاك في أرض بابل» التي كتبها فريدريش ديرنمات في ستينات القرن الماضي، وترجمها إلى العربية أنيس منصور، وكانت حديث الناس وقت صدورها نصاً في كتاب، وكذلك وقت تمثيلها في مشاهد حية على أكثر من مسرح!
كانت السماء في المسرحية قد أرسلت ملاكاً يحمل هدية إلى مدينة بابل، وكانت الهدية فتاة جميلة إلى شخص مسكين في المدينة ولم تكن كيساً من المال!
وكان المعنى هناك في المسرحية الشهيرة أن الأرض تحتاج إلى الجمال أكثر مما تحتاج إلى المال، وكان المعنى هنا في الزيارة البابوية أن السلام بين البشر هو واحد من تجليات الجمال، وأن السلام إذا غاب عن أرض غاب عنها كل شيء، حتى ولو كانت أغنى البلاد بالذهب والفضة!
جاء البابا ولسان حاله يقول إن بلاد الرافدين تعرف النفط، وتعرف الامتداد الخصب، وتعرف الماء العذب الذي يجري في نهرين اثنين، غير أنها لا تعرف السلام، ولا بديل عن أن تعرفه، لأنه كان دعوة إبراهيم عليه السلام، ودعوة كل رسول جاء من بعد إبراهيم يغري الناس بالتزام طريق أبي الأنبياء!
والمؤكد أن الرجل تمنى لو يتمكن من الطواف في الشارع بين آحاد الناس الذين من أجلهم جاء، ولكن الطوارئ التي سبقته في كل مكان حالت بينه وبين مصافحة الذين تمنى أن يصافحهم بين العراقيين، والذين إذا لم يجدوا ملاكاً يهبط في أرضهم كان عليهم أن يخترعوه!
وسواء كان ديرنمات قد اخترع الحكاية في المسرحية، أو استوحاها من حكايات التاريخ القديم، فالعراق سوف يبقى أحوج البلاد إلى ما يحمله كل ملاك هابط عليه من كل سماء، لأن العنف السارح في المنطقة بدأ يوم غاب السلام عن العراق، ويوم حل فيه الشقاق محل الوفاق!
جاء البابا داعياً إلى ترميم العلاقات بين الناس، قبل ترميم الجدران التي دمّرها عنف الناس، وغادر وهو يقول إن العراق سوف يظل في قلبه. والحقيقة أن العراق أولى بأن يكون في قلب كل واحد من أبنائه بغير استثناء، قبل أن يكون في قلب رأس الكنيسة الكاثوليكية، فالبلد الذي نشأ فيه أبو الأنبياء هو آخر بلد يجوز أن تتلون أرضه بلون الدماء!

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة البابا رسالة محبة وسلام مقابل صواريخ الحوثي وإيران زيارة البابا رسالة محبة وسلام مقابل صواريخ الحوثي وإيران



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:33 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 العرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 العرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 13:04 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تطلق خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات
 العرب اليوم - غوغل تطلق خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 03:50 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض.. لغة قوية تنتظر التنفيذ

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 22:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

سامباولي مدرباً لنادي رين الفرنسي حتى 2026

GMT 02:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يعلن أن إيلون ماسك سيتولى وزارة “الكفاءة الحكومية”

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مدربة كندا تفصل نهائيًا بسبب "فضيحة التجسس"

GMT 12:45 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة أنجولو لاعب منتخب الإكوادور في حادث سير

GMT 05:40 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونيخ يتعرض لغرامة مالية بسبب الالعاب النارية

GMT 06:07 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يعتزم حضور مباراة كرة القدم بين فرنسا وإسرائيل

GMT 20:35 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

العاهل البحريني يجتمع مع الملك تشارلز الثالث في قصر وندسور

GMT 22:44 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غرامة مالية على بايرن ميونخ بسبب أحداث كأس ألمانيا

GMT 05:02 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية تقتل 46 شخصا في غزة و33 في لبنان

GMT 20:55 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام علي تكشف عن ملامح خطتها الفنية في 2025

GMT 17:27 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة على أطراف بلدة العدّوسية جنوبي لبنان

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

هيفاء وهبي حاضرة في منافسات سينما ودراما 2025

GMT 07:11 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إسبانيا تستعد للمزيد من الأمطار بعد الفيضانات المدمرة

GMT 19:42 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يستهدف قاعدة جوية جنوب حيفا لأول مرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab