بقلم: سليمان جودة
الذين يذهبون إلى برج القاهرة يلاحظون بالتأكيد أن الطريق المؤدى إليه من كورنيش النيل تتوسطه شجرة ضخمة، وأن الطريق يدور حولها ويتجنبها، وأن المهندس الذي صمم الطريق زمان كان حريصا على أن يتفادى الشجرة فلم يقطعها ولا فكر في إزالتها!.
وليس من المعقول أن يكون هذا هو التوجه لدى الحكومة في عهود مضت، ثم يكون التوجه في ٢٠٢٢ هو التخلص من كل شجرة تعترض أي طريق أو أي بناء!.
والذين يمشون على الكورنيش من مسرح البالون في اتجاه كوبرى الجلاء، سوف تستوقفهم أشجار كافور ضخمة زرعها الخديو إسماعيل على شاطئ النهر الخالد في القرن قبل الماضى، ولايزال بعضها في مكانه إلى اليوم.. أما البعض الآخر فقد جرت إزالته في الفترة الماضية، دون إدراك لقيمة هذه الشجرة، ولا لأهمية وجودها بيئيا، ولا لضرورة أن تظل في هذا المكان على النيل وفى حياة الناس!.
وفى القناطر الخيرية، التي أنشأها محمد على باشا، تنتشر أشجار من نوع شجرة طريق البرج.. وهو نوع كان الباشا قد استقدمه من الخارج، وأراد به أن يعمر ويعيش مئات السنين، وأن يكون رئةً يتنفس منها الناس، فضلًا عما تمنحه من راحة بصرية للعين!.
وقبل أيام كانت الملكة إليزابيث الثانية تحتفل بسبعين سنة لها على عرش التاج البريطانى، وكانت تفكر في هدية تقدمها للشعب.. وقد هداها تفكيرها وهى في السادسة والتسعين من عمرها إلى إهداء مليون شجرة معمرة لرعاياها، وهى هدية فريدة بالفعل لأن كل بريطانى ينعم بشجرة من هذه الأشجار فيما بعد، سيكون ممتنا للملكة وسيظل يذكرها بالخير!.
ولو أنت رأيت حديقة هايد بارك في لندن، فسوف تكتشف أن هدية الملكة مجرد خطوة سبقتها خطوات في ذات الطريق، وأن البلد الذي يضم حديقة بهذا الاتساع وهذا المستوى، لا بد أن يرى هدية الملكة مبادرة طبيعية في سياق يجمعها مع مبادرات مشابهة من قبل!.
الشجرة في بلدنا بلا صديق.. وحتى وزارة البيئة التي من المفترض أنها صديقة للأشجار تبدو كأنها قد تخلت عن هذه الصداقة تماما!.