بقلم: سليمان جودة
كان العرب يحتفلون بالأكل قديمًا، وكان الطعام يشغل مساحة كبيرة من اهتمامهم، وكان الرجل منهم يظل يأكل؛ حتى لا يستطيع الحركة من مكانه!.
وكان أحدهم إذا أكل دعا أصحابه إلى أن يساعدوه في أن يقوم إلى مكان آخر، وكان يقول: احملوا أخاكم فقد شبع!.. وليس هناك ما هو أقصى من أن يجلس الشخص ليتناول طعامه، فيستمر في ذلك حتى يصل إلى درجة لا يكون أمامه فيها إلا أن يحمله أصحابه.. فهو لم يشبع فقط ولكنه أكل حتى أقعده الشبع!.
شىء قريب من هذا سوف تجده في مطعم فتح أبوابه قبل فترة في العاصمة الأردنية عمان، ورفع شعارًا لم يرفعه مطعم من قبل!
شعار المطعم هو: «اتغدّى واتمدّى».. ويعنى أنك بعد أن تتناول طعامك فيه، سوف يكون عليك أن تمدد رجليك، وأن تحصل على قسط من الراحة، وأن تقضى قيلولة قصيرة بعد الوجبة الثقيلة التي أكلتها!.
أما الوجبة الثقيلة فليست طبعًا سوى «المنسف» الأردنى الشهير، وهى وجبة تتكون من لحم الضأن، واللبن الرائب، وخبز القمح البلدى، أو الأرز.. كل هذا تخلطه معًا، ويوضع في وعاء واسع، ثم يوضع الوعاء فوق مكان مرتفع، ومن حوله يتحلق المدعوون ليأكلوا وهُم وقوف، ولا يكون الأكل إلا بالأيدى مباشرة بالطبع، لأنه لا مجال للشوكة ولا للسكين!.
وليس سرًّا أن الذين يتناولون المنسف يشعرون بشىء من الخمول بعدها، ويجدون رغبة في النوم، ولا يستطيعون مقاومتها في الغالب.
وهذا هو ما دعا المطعم الأردنى إلى إطلاق خدمة النوم بعد تناول الطعام عنده، وأصبح على زبائنه أن يعرفوا مسبقًا أنه لا مشكلة في أن يهاجمهم النوم هناك، لأن المطعم وضع ذلك في اعتباره، وخصص مكانًا للنوم قليلًا بعد تناول المنسف، وأعلن أن أماكن النوم تخصع للتدقيق والتنظيف أولًا بأول، وأنها محل رعاية واهتمام يليق بالزبائن!
عشنا وشفنا هذا في الأردن، وسوف نعيش ونشوف بإذن الله في بلاد أخرى، لأن صراعات الموضة ليست في الملابس وحدها، ولكنها يجوز أن تكون في المطاعم أكثر!.