بقلم : سليمان جودة
جاء وقت أعلن فيه الرئيس السادات رغبته فى منح المحافظ صلاحيات رئيس الجمهورية، وقد أجرى وقتها حركة تعيينات وتنقلات بين المحافظين على هذا الأساس بالفعل، لكن الرجل رحل بعدها بوقت قصير، فتوقفت التجربة عند هذا الحد.. فلا هو استطاع أن يكملها، ولا نحن بنينا من بعده فوقها!
ولو عاش يرحمه الله لكان للتجربة شأن آخر، ولكان لمصر نفسها شأن مختلف، لكن لايزال فى أيدينا أن نعيد إحياءها على أساس ما كان يراه رجل صاحب بصيرة مثله!
وقد أحسست أن الرئيس السيسى كان يلمس شيئا من معالم تلك التجربة الساداتية المُجهضة، عندما أوصى المحافظين الجدد بأشياء كثيرة.. ولكن شيئا محددا من بين الأشياء الكثيرة جاء فى عبارة من سبع كلمات فاستوقفنى، ورأيت أنها عبارة ذهبية بامتياز.. العبارة تقول الآتى: ضرورة استغلال الميزات النسبية فى كل محافظة!
وربما يكون البدء فى العمل بهذه العبارة هو نقطة الانطلاق نحو حصول المحافظ على صلاحيات رئيس الجمهورية فى محافظته، ولو حدث هذا فسوف يكون مردوده إيجابيا للغاية ليس على مستوى المحافظة وحسب، لكن على امتداد الجمهورية كلها!.. وهذا بالطبع فى حاجة إلى بناء نظام حكم محلى قوى، يستطيع المحافظ أن يعمل من خلاله، وأن يوظفه، وأن يتكئ عليه!
ويظل مضمون العبارة الذهبية فى حاجة من كل محافظ إلى أن يترجمه، من طلب محدد أبداه رأس الدولة إلى برنامج عمل حى، له أول، وله آخر، وأمامه هدف يسعى إلى تحقيقه فلا يهدأ حتى يراه متحققا بين يديه!
والميزة النسبية التى تملكها محافظة القليوبية على سبيل المثال هى الموالح، وهى عسل النحل، ويستطيع المحافظ الجديد عبدالحميد الهجان أن يعظم من إنتاج المحافظة فى الموالح والعسل، ويستطيع أن يضاعف من شهرة المحافظة فى هذا الموضوع، ويستطيع أن يعمل منذ اليوم الأول على تحسين النوعية والارتقاء بها، فيقال من بعده إن رجلا كان محافظا هنا ذات يوم، وإن اسمه كان كذا، وإنه وضع القليوبية على خريطتها الصحيحة فيما تنفرد بزراعته وإنتاجه!
وتستطيع الدكتورة منال عوض أن تفعل الشىء نفسه مع صناعة الأثاث فى دمياط، ويستطيع اللواء عبدالفضيل شوشة أن يجعل الميزة النسبية لشمال سيناء فى إنتاج الزيتون مضروبة فى عشرة، ويستطيع المحافظ خالد شعيب أن يجعل من السياحة العلاجية مقصدا فى مطروح طوال السنة، ويستطيع اللواء محمد الزملوط أن يضع محافظة الوادى الجديد فى موقعها المناسب إنتاجا للتمور!
المحافظ الرئيس يستطيع أن يفعل هذا.. وأكثر!