بقلم - سليمان جودة
القرارات التى اتخذها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان تجاه جماعة الإخوان وقنواتها التليفزيونية فى بلاده ليست نهاية الموضوع!.وهى ليست نهايته، لأن الجماعة كما قال عنها جمال البنا، شقيق حسن البنا، لا تتعلم ولا تنسى.. ولأنها كذلك، فالمتوقع أن تذهب إلى منطقة مختلفة من مناطق العمل والحركة.. والمتوقع ألا تتعلم الدرس كالعادة وألا تنسى.. والمتوقع أن تكون هذه المنطقة المختلفة هى محاولة الكيد سياسيًا للحكومة فى عواصم أخرى حول العالم بخلاف أنقرة أو اسطنبول فى تركيا!.
والمتوقع أن يكون ملف حقوق الإنسان ميدانًا للحركة على نطاق أوسع من جانب قيادات الجماعة خلال الفترة القادمة.. وبمعنى أدق خلال فترة ما بعد قرارات أردوغان.. وهى قرارات لا تزال مُحاطة ببعض الغموض من حيث حقيقة دوافعها، ومن حيث مدى استعداد صاحبها للالتزام بها على المدى الطويل!.
ويجب ألا نخشى من إثارة ملف حقوق الإنسان لعدة أسباب، منها أن هذه لن تكون المرة الأولى التى يُثار فيها، ومنها أن الذين يفعلون ذلك لا يؤمنون إلى هذه الدرجة بحقوق الإنسان عندنا، سواء كانوا إخوانًا أو غير إخوان.. فالقصة كلها هى الرغبة فى توظيف الملف سياسيًا ضد البلد!.. لقد حدث هذا مرارًا من قبل، ويحدث هذه الأيام، وسيظل يحدث فى المستقبل!.
والمؤكد أننا نذكر أن بيانًا صدر من عدة دول فى هذا الشأن قبل أيام، وأن الدول التى وقّعت عليه لم يكن يعنيها إلى هذا الحد وضع حقوق الإنسان عندنا كحقوق إنسان مجردة، بقدر ما كان يعنيها السعى إلى إحراج الحكومة أمام العالم!.
إن قرار أردوغان ليس سهلًا، ولكن مصالح معينة هى التى كانت وراءه فيما يبدو أمامنا، والذين يتابعون صداه على مستوى الجماعة يعرفون أنه قرار مُوجِع لها، وأن الجماعة تحاول أن تفيق منه بأى شكل.. وهى لن تفيق إلا بحركة تقول بها إنها لا تزال حية، وقادرة، ومؤثرة فى عواصم صنع القرار دوليًا!.
كل ما هو مطلوب منّا أن نكون مستعدين للرد فى أى وقت تجرى فيه إثارة هذا الملف، وأن يكون ردنا حضاريًا ودبلوماسيًا، وأن تتهيأ له وزارة الخارجية بكل مستوياتها، وأن نتهيأ له بعيدًا عن الخارجية على كل مستوى آخر، وأن نحرص على أن نخاطب العالم بما يستوعبه، وأن نخاطبه بلغته التى يفهمها عنده هناك، وليس بلغتنا التى نفهمها نحن بيننا هنا!.. والأهم أن نتدارك كل ما يمكن أن يؤخذ علينا حقوقيًا، وأن نظل نراجع الملف أولًا بأول بما يحقق صالحنا الوطنى فى المقام الأول، قبل أن نراجعه خوفًا من أى طرف!.