مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

 العرب اليوم -

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

بقلم: سليمان جودة

تشعر بأن المرشح للرئاسة الأميركية دونالد ترمب أصبح أكثر تقبلاً لفكرة الهزيمة في السباق الرئاسي الذي يبلغ محطته الأخيرة في الخامس من الشهر بعد المقبل.

هذا ليس مجرد شعور أو إحساس، ولكن تتوفر عليه شواهد لم تكن متوفرة في مرحلة ما قبل إطلاق كامالا هاريس مرشحةً للحزب الديمقراطي. ففي تلك المرحلة كان الرئيس الأميركي جو بايدن هو مرشح الديمقراطيين، وكانت عثراته في الحركة والكلام تُغذي الرغبة في النصر لدى ترمب، الذي كان يرى أن المرشح أمامه إذا كان هو بايدن، فالوصول إلى البيت الأبيض بالنسبة إليه أمر ممكن ولا عقبة كبيرة في سبيله.

ولكن إحلال هاريس محل بايدن أعاد ترتيب الأوراق من جديد، وأنهى الأحلام السعيدة التي عاشها ترمب مرشحاً للحزب الجمهوري، وجعله ينتبه إلى أن المعركة أمامه لم تعد مجرد معركة يخوضها مرشح راغب في الفوز مثل بايدن، ولكنها صارت معركة يتبناها الحزب الديمقراطي بكامل هيئته.

إنني أذكر أن نجيب محفوظ وصف أحد الفتوات في إحدى قصص مجموعته القصصية «حكايات حارتنا» فقال: «كان إذا دخل معركة دخلها بالنبوت في يده، وبرأسه، وقدميه، وأنصاره».

شيء شبيه بهذا تجده في المعركة الانتخابية التي نتابعها في بلاد العم سام منذ بدأت، والتي سنظل نتابعها إلى أن تبلغ محطة الختام. ففيها من عناصر التشويق ما يغري بالمتابعة، وفيها من مساحات الإثارة الكثير، رغم أنها تظل محكومة بمبادئ ثابتة وضعها الآباء الستة المؤسسون للولايات المتحدة، ورسَّخ لها الدستور الأميركي بتعديلاته المختلفة التي دخلت عليه.

فليس إلى جوار ترمب في مواجهة الحزب الديمقراطي برموزه وكامل هيئته رمز واحد من رموز الحزب الجمهوري، اللهم إلا إيلون ماسك الذي لا يمثل رمزاً بين الجمهوريين، والذي على مرشح الحزب الجمهوري أن يَحْذَر منه لأنه نصير متحوِّل. فلقد حارب بعصا الديمقراطيين من قبل، ثم تخلى عنهم، ثم استدار وتوجه نحو الحزب الجمهوري، وهذه رحلة من التحول لا تجعله موضع ثقة مطلقة في لحظة الجد.

من الشواهد التي تتوفر على أن ترمب أصبح أكثر تقبلاً لفكرة الهزيمة في السباق، أنه ذهب إلى المناظرة مع هاريس متردداً، وأنه كان يقدم رِجلاً ويؤخِّر أخرى، فلما أحس بأن القتال قد كُتب عليه وافق على أن يواجهها، وهو يعلم بينه وبين نفسه أنها ليست بايدن، وأن مناظرتها ليست مضمونة النتيجة كما حصل بعد أن واجه الرئيس الأميركي في مناظرتهما الشهيرة. وليس هذا هو الشيء الوحيد الذي يتوفر شاهداً على ما أقول، ولكن ترمب عندما وقف يواجه هاريس لم يهدد بحرب أهلية أو بما يشبهها في الولايات المتحدة إذا فاز المرشح المنافس له، وهو ما كان قد هدد به مراراً طوال معركته مع بايدن، وبشكل غير مباشر في أثناء وبعد المناظرة بينهما، ولكنه ذهب إلى جبهة أخرى يحارب عليها هذه المرة أمام هاريس، فهدد بأن إسرائيل ستكون مهدَّدة بالزوال خلال عامين إذا فازت مرشحة الحزب الديمقراطي.

لم يهدد بشيء داخلي كما عاش يفعل مع بايدن، ولكنه راح يجرِّب تهديداً آخر لعله يفيده على مستوى الصوت اليهودي الانتخابي داخل البلاد. ولا تعرف كيف عاد يستخدم هذا السلاح ويستدعيه إلى أرض الميدان، مع أنه استدعاه في سباق 2020 فلم ينفعه، ولم يكن ذا جدوى في ميزانه أمام المرشح المنافس؟

فليس سراً أن اتفاقيات السلام الإبراهيمي التي جرى عقدها بين تل أبيب وأربع عواصم عربية كانت من اختراعه، وكان زوج ابنته ومستشاره جاريد كوشنر يرعاها ويسقيها طوال الوقت، وكان ذلك سابقاً على انتخابات 2020 بقليل، فلما جرت خسر هو السباق، واتضح بعدها حسب دراسة منشورة أن 77 في المائة؜ من أصوات الناخبين اليهود في الولايات المتحدة ذهبت إلى المرشح المنافس أمامه، بايدن.

وإذا كان قد عاد يستخدم السلاح ذاته، فهو إما أنه يستخدمه في لحظة من لحظات اليأس، وإما أنه يجرِّبه من جديد مستنداً إلى أن موقف هاريس تجاه إسرائيل يبدو أقل منه تأييداً لاستمرار الحرب على قطاع غزة، ويبدو أكثر تحفظاً، ولا أدلَّ على ذلك من أنها لم تحضر خطاب بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الشهر المنقضي.

وحتى هذا الرهان الخارجي من جانب ترمب لم يصادف الصدى الذي توقعه داخل إسرائيل نفسها، فقرأنا عن ساسة إسرائيليين يتحدثون بشكل سلبي عن حكاية السنتين اللتين ستزول الدولة العبرية بعدهما، وعن أن تل أبيب يجب أن تكون أكثر استقلالية عن واشنطن، وأن تبعية إسرائيل التي تبدو من كلام مرشح الحزب الجمهوري في أثناء المناظرة قضية مُقلقة، وأن القلق ليس من الزوال كحدث يتوقعه ترمب، ولكن القلق من أسباب الزوال ودواعيه.

هذا على بعضه يرجح فكرة قبول ترمب للهزيمة، ويرشح الأيام المتبقية من عُمر السباق لأن تكون أهدأ قليلاً في الغالب وليست أشد صخباً كما كان الحال سيكون لو بقي بايدن في الميدان، ولا ينال من قدر الهدوء المتوقَّع أن يكون الرجل قد تعرض لمحاولة اغتيال ثانية، فلقد تبين بعدها أنها كانت أقرب إلى الطلقة «الفشنك» منها إلى أي شيء آخر، كما أن المحاولة الأولى ذاتها سرعان ما نسيها الناس وطمرتها الأحداث.

 

arabstoday

GMT 08:26 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادي

GMT 08:25 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الآن؟

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 08:22 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سلام عليك يا شام

GMT 08:20 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

GMT 08:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

«سنو وايت».. أهمية أن تكون أنت.. «أنت»!

GMT 08:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

اللاعبون الأساسيون ومخاطر الفوضى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق



إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 07:51 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 العرب اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025

GMT 09:35 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة
 العرب اليوم - أفكار لتنظيم غُرفة النوم بطريقة تخلق أجواء هادئة ومريحة
 العرب اليوم - مقتل 54 صحافياً في عام 2024 ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية
 العرب اليوم - اكتشاف تمثال يكشف الوجه الحقيقي لكليوباترا في معبد تابوزيريس

GMT 08:45 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

بيل كلينتون يُطالب بايدن بعفواً استباقياً لزوجته هيلاري
 العرب اليوم - بيل كلينتون يُطالب بايدن بعفواً استباقياً لزوجته هيلاري

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه

GMT 12:06 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

إجلاء نحو 87 ألف شخص بعد ثوران بركان كانلاون في الفلبين

GMT 22:40 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

الملك تشارلز والملكة كاميلا يصدران بطاقة الكريسماس

GMT 12:28 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

محمد رمضان يكشف أسباب تقديمه الأعمال الشعبية

GMT 05:43 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

سوريا: أفراحٌ... وهواجس

GMT 23:43 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

عائشة بن أحمد وكريم فهمي يجتمعان في فيلم دماغ ألماظ

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

قطر تعلن عزمها إعادة فتح سفارتها في سوريا قريباً

GMT 12:51 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

العربية للطيران تستأنف رحلاتها بين الشارقة وبيروت 18 ديسمبر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab