بقلم : سليمان جودة
يدعونا المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى إلى أن نقف للجثث الأربع التى تسلمتها إسرائيل من حركة حماس، وأن نتأسى فى ذلك بما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام ذات يوم.
والقصة كانت عندما مرت جنازة بالرسول الكريم وهو جالس مع أصحابه فوقف لها، ولكن أصحابه سارعوا ينبهونه إلى أن الجنازة ليهودى، فقال عليه الصلاة والسلام: أليست لإنسان؟.. يتصور المتحدث الإسرائيلى أن أصحاب الجثث الأربع ما داموا يهودًا، فإنهم مثل اليهودى التى مرت جنازته بالرسول وأصحابه، وأننا مدعوون بالتالى إلى أن نقف لجنازاتهم الأربع.
وهذا خلط بين أشياء إذا تعامى عنها هو، فإنها لا يجوز أن تلتبس علينا نحن، لا لشىء، إلا لأن عليه أن يعرف أن هناك فرقًا بين اليهودى الذى وقف لجنازته نبى الإسلام، وبين اليهود الذين يقيمون فى إسرائيل.. فاليهودى هناك لم يكن إسرائيليًا، ولا كان قد استولى على أرض الغير دون وجه حق، ولا كان قد قتل، أو أباد، أو دمر، بينما اليهود هنا إسرائيليون يستولون على أرض ليست أرضهم، ويطردون أصحابها منها، ويقتلون أطفالهم، ويدمرون بيوتهم.
إن إيلان بابيه مثلًا يهودى، كما أن نيسيم فاتورى يهودى أيضًا، ولكن شتان ما بين الاثنين، لأن ما بينهما كما بين السماء والأرض.
فالأول مفكر يهودى، ولكنه فى كل ما يكتبه أو يقوله لا يُقر بما ترتكبه إسرائيل من جرائم فى قطاع غزة ولا فى الضفة الغربية، ويقول دائمًا إنه مع حق فلسطين فى الحرية، ولا يجد أى حرج فى الحديث عن أن ما جرى فى الحرب على القطاع هو حرب إبادة.. لقد قال بابيه هذا كله مرارًا، وكان ولا يزال يردده، ولا يبالى بما يدفعه من ثمن فى نظير ما يؤمن به ويعتقده.
فأين هو من فاتورى، نائب رئيس الكنيست، الذى نقلت عنه إذاعة «كول برما» العبرية دعوته إلى قتل الفلسطينيين البالغين فى قطاع غزة؟.. وهو لم يتوقف عند دعوته التى يجرمها كل قانون، ولكنه ذهب إلى حد القول بأن حكومة التطرف فى تل أبيب تتسامح مع الفلسطينيين فى غزة والضفة بأكثر مما هو لازم!.
الأول يهودى لديه ضمير إنسانى، والثانى يهودى أيضًا ولكنه إسرائيلى مُفرغ من كل ضمير، وكاره لكل إنسان، وناقم على كل فلسطينى.. الأول يرى اليهودية ديانة سماوية لا يجوز أن تنحرف عن تعاليم موسى عليه السلام، أما الثانى فلا يرى موسى، ولا يعرفه، ولا يعرف تعاليمه، ولكن يعرف الصهيونية التى جَنَت على اليهودية فأنزلتها من مرتبة الديانة السماوية إلى مستوى الحركة العنصرية.