بقلم : سليمان جودة
فى ١٤ من الشهر بعد المقبل يبلغ الرئيس ترامب ٧٩ سنة، وعندما جرى انتخابه رئيسًا للمرة الثانية، كان هو الأكبر سنًا بين الذين جرى انتخابهم للمنصب فى تاريخ أمريكا.
وحين رشح بايدن نفسه أمام ترامب، فى السنة الماضية، كان عُمره ٨٢ سنة، وكانت هذه السن سببًا من أسباب خروجه من السباق، أو أن حالته الصحية كانت هى السبب، لأن علامات النسيان كانت قد بدأت تظهر عليه فى المناسبات العامة، وكان ترامب قد استغل ذلك لأقصى مدى بين الناخبين.
ومن سوء حظه أن سلاح السن، الذى استخدمه ضد بايدن، سيكون فى انتظاره لو أنه قرر الترشح لفترة جديدة آخر فترته الحالية فى ٢٠٢٨- كما يردد ويقول.
طبعًا الدستور يمنع ترشحه، ولا بد من تعديل دستورى، ولكن بصرف النظر عن حكاية الدستور، فإن ترامب سيكون فى سن ٨٣ سنة عند آخر رئاسته الحالية، ولهذا، فما كان يأخذه على بايدن سيؤخذ عليه.. وتلك من تصاريف القدر.
ومن تصاريف القدر أيضًا أنه خضع قبل أيام لفحص بدنى واختبار إدراكى، وقيل فى التقارير الصحفية المنشورة إن الفحص والاختبار الإدراكى استمرا عدة ساعات.. وقد خرج الرئيس بعدها يقول إنه فى صحة جيدة، وإنه أجاب عن كل الأسئلة التى وجهوها إليه فى الاختبار الإدراكى، وأن تقريرًا طبيًا سيصدر بهذا الشأن.
ومما قاله شون باربابيلا، الطبيب الخاص للرئيس، إنه فقد ٩ كيلو من وزنه منذ آخر فحص أجراه عندما كان رئيسًا فى ٢٠٢٠، وإنه بكامل لياقته التى تؤهله لأن يكون رئيسًا للدولة وقائدًا أعلى للقوات المسلحة. ولكن ما لم يذكره الطبيب الخاص، ولن يذكره التقرير الطبى، أن ترامب الذى يتمتع بلياقة عقلية وبدنية عالية يفتقد ما يمكن تسميته اللياقة السياسية.
إن افتقاد مثل هذه اللياقة يتجلى فى كل قرار تقريبًا اتخذه الرئيس الأمريكى منذ أن دخل البيت الأبيض، لأنه لا يفرق فى قراراته بين العدو والصديق، ولا بين الحليف والخصم، وكانت الرسوم الجمركية آخر هذه القرارات.. قد يكون لدى ترامب ما يكفى من اللياقة العقلية والبدنية، ولكن الواقع المضطرب الذى يعيشه العالم أمامنا يقول إن الرجل يعانى نقصًا حادًا فى اللياقة السياسية، والمشكلة أنه لا يزال فى بداية رئاسته، ولو استمر هكذا فالله فى عون العالم لعله يحتمل.