بقلم - سليمان جودة
لا تعلن أى دولة فى المنطقة، أو حتى فى العالم، عن كشف بترولى جديد على أرضها، إلا ويتمنى المصريون لو جادت أرضنا علينا بمثل هذا الكشف.. ولو أننا دققنا النظر جيدًا، فسوف نكتشف أن السماء تجود علينا بكشف بترولى كل فترة، ولكننا لا نأخذ بالنا، ولا ننتبه، ونكاد لا نهتم!.
والقصد أن البترول ليس من الضرورى أن يكون من نوع الذهب الأسود السائل الذى نعرفه، ولا من الضرورى أن يقع ضمن نطاق مسؤولية الوزير طارق الملا.
فقبل ساعات، كان الدكتور زاهى حواس يعلن عن كشف أثرى جديد فى منطقة سقارة، وكان يقول- وهو يتحدث مع وسائل الإعلام- إن الكشف يضم تابوتًا مغلقًا يعود إلى ٤٣٠٠ سنة، ويضم مومياءً مغطاة بالذهب، ويضم بالطبع قطعًا أثرية أخرى.. وكان الكشف خبرًا أول فى وسائل إعلام العالم.
وقبل هذا الكشف بساعات، كان الدكتور مصطفى وزيرى، أمين عام المجلس الأعلى للآثار، قد أعلن عن كشف أثرى آخر فى البر الغربى فى الأقصر.. وكان الدكتور وزيرى قد جلس أمام وسائل الإعلام يُحصى مع أعضاء بعثته الأثرية ما تم الكشف عنه والتوصل إليه.
وكلاهما.. الدكتور حواس والدكتور وزيرى.. يقفان فى طليعة الذين يعرفون كيف يتحدثون مع الدنيا عما فى حوزتنا من ثروة أثرية لا يمكن تقديرها بمال.
قد لا نهتم نحن هنا بمثل هذه الكشوف بالدرجة الكافية، وربما يكون السبب أننا اعتدنا عليها، وأنه لا يكاد يمر يوم إلا ونكون فيه على موعد مع كشف جديد.. ولكن العالم من حولنا يهتم ويتابع بشغف.
ولا بد أنه يتساءل فى كل مرة عن حجم الثروة الأثرية التى تضمها أرضنا على امتدادها؟!.. ولا بد أن المهتمين بالآثار فى أنحاء العالم يتابعون أيضًا ولسان حالهم يقول: كَمْ بئرًا أثرية لا تزال فى باطن أرض المحروسة؟!.
وأنا أعنى ما أقول عندما أتحدث عن «البئر الأثرية».. فما نملكه ليس مجرد مجموعات كبيرة من القطع الأثرية هنا أو هناك، ولكننا نملك آبارًا من الآثار يعوم عليها البلد، وهى آبار لا تقل فى عائدها الذى يمكن أن يعود علينا عن عوائد النفط فى أى أرض غنية بالبترول من حولنا.
عندنا آبار من الآثار بالمعنى الحقيقى للثروة.. والآبار أنواع.. فمنها ما يفيض بالنفط الأسود، ومنها ما يفيض بما هو أغلى فى قيمته من النفط لأن النفط ثروة ناضبة بطبيعتها، بينما الآثار ثروة غير ناضبة.
ولا فرق بعد ذلك بين أن تكون هذه الثروات فى يد أحمد عيسى، وزير السياحة والآثار، أو تكون فى يد الوزير الملا، فالأهم هو قدرتنا على تحويل ما تجود به الآبار الأثرية إلى ثروة فى الخزانة العامة وفى حياة الناس.