بقلم - سليمان جودة
سوف يظل يوم ١٥ نوفمبر من هذه السنة يومًا ليس ككل الأيام لأنه اليوم الذى اكتمل فيه عدد سكان العالم ٨ مليارات إنسان!.وقد جاء هذا اليوم ومعه مخاوفه على مستوى العالم، وكانت المخاوف سابقة عليه طبعًا، ولكنها تجددت فيه، وكلها تتساءل عما إذا كان الغذاء المتاح فى أنحاء الأرض كافيًا لسد حاجة هذا الرقم، أم أن الزيادة فى السكان لا تزال بينها وبين الزيادة فى إنتاج الغذاء فجوة كبيرة!.
وكان الاقتصادى الإنجليزى، توماس مالتوس، يرى أن الفجوة موجودة، وأنها تزداد، وأنه لا حل لدى الحكومات لتضييق الفجوة بين الزيادتين، وأن الحل الوحيد تقدمه الطبيعة عندما تتدخل بتخفيض الأعداد من خلال الحروب، والأوبئة، والأمراض التى تحصد الملايين من البشر!.
ولكن إنجليزيًّا آخر كان له رأى مختلف، وهذا الإنجليزى الآخر هو الفيلسوف برتراند راسل، وكان رأيه أن هذه فجوة مصنوعة، وأن ما يوجد على ظهر الكوكب يكفى حاجة سكانه ويزيد، وأن استغلال أهل الشمال الأغنياء لأهل الجنوب الفقراء هو الذى يصنع فجوة من هذا النوع وبهذا الحجم، وأن بعض العدالة فى التوزيع يجعل موارد الأرض قادرة على الوفاء بحاجات السكان مهما كان العدد.
ولو عاش الفيلسوف «راسل» إلى ١٥ نوفمبر ٢٠٢٢، لكان قد خرج على رأس مظاهرة عالمية من نوع المظاهرات، التى كان يخرج فيها كلما أحس بأن أوضاعًا عالمية لا تعجبه، والتى كان يقودها بأعداد حاشدة فى بلاده احتجاجًا على سياسات دولية كان يراها مختلة.
ولو عاش لكان قد أعاد نشر مقالة كان قد نشرها فى عام ١٩٣٢، وكان عنوانها «فى مديح الكسل»، وكان يشرح فيها وجهة نظره فى حكاية معدل الزيادة فى الغذاء، الذى لا يستطيع ملاحقة معدل الزيادة فى السكان. كان تقديره أن هذا كلام فارغ، وأن كل إنسان فى العالم ليس فى حاجة إلى أن يعمل ثمانى ساعات، كما تقول قوانين العمل فى الكثير من الدول، وأن أربع ساعات تكفى تمامًا لتوفير الغذاء للجميع، وأن على الحكومات فى كل عاصمة أن تسعى إلى تحويل الساعات الأربع من فكرة إلى حقيقة.
وبما أن عدد ساعات العمل لا يزال ٨ وليس ٤، فهذا معناه أن ما تنتجه الأرض من الغذاء حاليًا يكفى ١٦ مليار إنسان، ولكن هذا سيتحقق عندما يحكم العالم فلاسفة من صنف الفيلسوف «راسل»، بدلًا من الساسة الذين نراهم فى كل مكان!.