بقلم: سليمان جودة
لا حديث فى ليالى الصيف ينافس الحديث عن الساحل الشمالى، الذى يظل يشعل خيال الملايين بحكايات وروايات لا تنتهى.
وعندما نتكلم عن الساحل الشمالى، فالمفترض أننا نتكلم عن ساحلنا الممتد على الشاطئ الشمالى كله، ولكن بشىء من التأمل فيما يجرى من أحاديث وحكايات، نكتشف أننا نتكلم عن مسافة لا تزيد على واحد من عشرة من هذا الساحل الطويل بمفهومه العام!.
نتحدث عن واحد من عشرة وربما أقل، لأن ساحلنا الشمالى ممتد على الأرض ألف كيلو متر، بدءاً من أقصى نقطة فى الشرق عند رفح المصرية، إلى أبعد نقطة فى الغرب عند السلوم على الحدود الليبية.. هذا هو الامتداد الطبيعى على بحر واحد هو البحر المتوسط، ومع ذلك، فالساحل فى نظر الكثيرين ممن يتحدثون عنه فى كل المرات، هو الساحل الممتد بالكاد من غرب مارينا، إلى أول منطقة الضبعة على طريق مرسى مطروح!.
وهذه مسافة تقل على الخريطة عن مائة كيلو.. فأين بقية الساحل الذى يمكن أن يستوعب الكثيرين من المصريين، ممن يسمعون أحاديث الساحل وحكاياته، ثم يكتشفون مما يسمعون أن الجنة ربما تكون أقرب إليهم من أن ينزلوا هناك، أو يتطلعوا ولو مرة إلى مياه البحر؟.
إلى سنوات قليلة كان الساحل يعنى مارينا بالأساس، وكان يعنى بعض القرى المتناثرة حولها من جهة الشرق، وبالذات قرية مارابيلا وقرية مراقيا، ولم يكن أحد يتصور أن يوماً سيأتى نكتشف فيه أن هذا ليس هو الساحل، وأن مارينا صارت هى وأخواتها من قبيل الماضى الذى كان!.
وهذا يعنى أن حركة العمران فى الساحل لا تزال محدودة فى نطاقها الجغرافى، ولا تزال ترى ساحلنا الشمالى بعين واحدة، قياساً على كامل المسافة الممتدة بين الشرق والغرب على مدى الألف كيلو، ولا تزال حركة العمران لا ترى غير منطقة الساحل الشرير الذى يتحرك غرباً، ولا يبالى بما وراءه من شواطئ الساحل الطيب على البحر الأبيض نفسه!.
لا بد أن نتطلع إلى الساحل فى كامل امتداده، ولا يوجد مبرر يجعلنا نحصر أنفسنا فى زاوية ضيقة من زواياه، أو نختزله فى هذه المساحة المخنوقة على شاطئ البحر.