بقلم: سليمان جودة
عندما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى السلطة فى ٢٠١٤، كانت لديه أحلامه الكبيرة التى يريد تحقيقها لبلده، ولم يكن يريد تحقيقها وفقط، ولكنه كان يريد تحقيقها بسرعة.
وكان جزء لا بأس به من تلك الأحلام يتعلق بالبنية الأساسية فى البلد، وبالذات على مستوى الطرق والمحاور والكبارى والطاقة، ولأن عنصر السرعة كان يلح على الرئيس بشدة، فإنه لم يجد مفرًا من الاعتماد فى ذلك على الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، لأنها الأكثر استجابة لعنصر السرعة فى التنفيذ والأفضل أداء.
وقد جرى العمل على جانب من البنية الأساسية بهذا المعنى، خلال الفترة الرئاسية الأولى من ٢٠١٤ إلى ٢٠١٨، ثم جرى استكمالها تقريبًا فى الفترة الرئاسية الثانية من ٢٠١٨ إلى ٢٠٢٤، ولكن الرئيس سيبقى منشغلًا ببقية الأحلام التى تشغله من هنا إلى آخر الفترة الرئاسية الثالثة.
وإذا كان هناك شىء قد أقلق المصريين خلال الفترتين الماضيتين، فهو الاقتراض الذى راكم ديونًا لا بد أنها تمثل هاجسًا مزعجًا لدى الحكومة، ولكن عزاءنا فى هذه القروض أن جزءًا كبيرًا منها قد جرى توظيفه فى البنية الأساسية، ولم يتم تبديده فى مغامرات سياسية خارجية ولا فى حروب خارج الحدود، وبالتالى تحّول إلى أصول ستظل قائمة وموجودة، وسيظل التحدى الأكبر بالنسبة لنا هو كيف نوظفها كأصول فى عملية تنموية إنتاجية واسعة.
ولا أزال أذكر أن الرئيس كان فى فترة رئاسته الأولى قد شدد على أن الحكومة لا يجب أن تحصل على قرض جديد، إلا إذا كنا فى حاجة فعلية إليه، وإلا إذا كنا قادرين على الوفاء بسداده عند استحقاقه.. وكان هذا مما يجب أن تلتزم به الحكومة.. أىّ حكومة.. ولا بد أننا فى حاجة إلى هذا التشديد من جديد وبقوة.
ومع بدء الفترة الرئاسية الثالثة بدا أن هناك توجهًا مختلفًا فى تنفيذ المشروعات الجديدة، وقد ظهر هذا على سبيل المثال فى مجمع المنتجات الغذائية الضخم الذى سينفذه القطاع الخاص فى مدينة السادات، ثم ظهر فى توقيع عقد تشغيل وصيانة محطة «سفاجا 2» فى ميناء سفاجا البحرى على البحر الأحمر، مع تحالف من عدة شركات عربية ودولية تقوده شركة موانئ أبوظبى.. وفى الحالتين نجد أنفسنا أمام توجه إلى إفساح الطريق أمام القطاع الخاص الوطنى مرة، ثم القطاع الخاص العربى والأجنبى مرةً ثانية.
من هنا إلى آخر الفترة الرئاسية الجديدة، سوف يعمل الرئيس على بقية الأحلام التى جاء بها إلى القصر، ولكن الآلية يبدو أنها ستكون مختلفة، لأن «وثيقة سياسة ملكية الدولة» التى تشق طريقًا أوسع للقطاع الخاص، سوف تكون حاكمة، وضابطة، ومرشدة، ولأن درس التجربة خلال الفترتين الرئاسيتين السابقتين سيكون حاضرًا على طول الفترة الثالثة بالضرورة.