بقلم - سليمان جودة
فى فقرة «المسحراتى» التى يذيعها التليفزيون فى رمضان للفنان سيد مكاوى، سوف تسمعه وهو يتغزل فى شهر الصيام، ويقول: وفيه شبه من أربعين مليون.
وعندما تسمع هذا الرقم سوف تخمن أن مكاوى سجل «المسحراتى» فى بداية الثمانينات وقت أن كنا ٤٠ مليونًا، ولكن أحدًا لم يكن يتوقع أن نجد الرقم مضروبًا فى ثلاثة تقريبًا، وأن يحدث ذلك فى فترة زمنية قصيرة بمقاييس أعمار الشعوب.
وعندما أصدر ول ديورانت موسوعة «قصة الحضارة» فى ١٩٣٥، خصص جزءًا منها للحديث عن الصين وعن الهند، وقال وهو يتحدث عن الهنود إن عددهم ٣٢٠ مليونًا.
ورغم أن الهند ستتفوق هذه السنة على الصين فى عدد السكان، ورغم أن عددها عندما يحدث ذلك سيكون فى حدود المليار ونصف المليار هندى، إلا أن معدل الزيادة عندها يظل أقل منه عندنا بكثير، لأن وصول الهنود إلى هذا الرقم استغرق ما يقرب من القرن الكامل، ولأن العبرة هى بحجم الرقم الذى كانوا عليه فى ١٩٣٥، ثم حجم الرقم الجديد فى ٢٠٢٣ قياسًا على ما كان من قبل.
ولك أن تعكس الصورة لتتخيل أننا كنا ٣٢٠ مليونًا وقت تسجيل «المسحراتى»، ثم تتخيل بالتالى تعدادنا فى الوقت الحالى.. فهذه المقارنة بين الصورتين فى البلدين تعطيك فكرة عن أن سرعة الزيادة عندنا تتم بمعدل غير طبيعى، وأن الزيادة هناك فى الهند طبيعية أو قريبة من ذلك رغم المليار ونصف المليار.
وقد احتارت الدولة بين أساليب مواجهة هذه الزيادة، وجربت كل شىء جاء على بالها، ولكن شيئًا من كل ما جربته لم يوقف الزيادة، ولا خففها، ولا جعلها عند معدلاتها الطبيعية.. وليس من المتوقع أن يختلف حافز الألف جنيه المقرر مؤخرًا عما سبقه من وسائل وأدوات، ليس لأنه حافز سيئ، ولكن لأنه غير عملى، ولأنه ليس هو الذى سيغرى الأسرة بالاكتفاء بطفلين لتحصل عليه.
وقد سمعت مرة من رجل الصناعة محمد جنيدى، أنه اقترح على الحكومة فى أيام تسجيل «المسحراتى»، أن تغرى الناس بأشياء عملية بما يكفى، وأن تفكر مثلًا فى إعفاء أحد الولدين من التجنيد، إذا اكتفت الأسرة باثنين فقط، أو أن تمنح الأسرة من هذا النوع ٥ ٪ زيادة فى درجات الالتحاق بالجامعة لأحد الابنين.
لا وقت عندنا نضيعه فى تجريب حلول لن تكون مجدية، ولسنا مدعوين إلى اختراع العجلة من جديد، لأن آخرين اخترعوها وجاءت عندهم بنتيجة.