بقلم: سليمان جودة
طلب الرئيس تصورًا شاملًا لتطوير المنطقة التي تضم مقابر السيدة والإمام الشافعى، فوضع بذلك أساسًا محترمًا للتعامل مع قضية شغلت الناس منذ فترة طويلة ولاتزال تشغلهم وتؤرقهم.. فالتصور سيشارك في وضعه أهل الشأن والاختصاص، وهذا ما كنا مدعوين إليه منذ البداية.
وقد قيل إن أول يوليو هو موعد تقديم التصور الشامل، ولكن الغالب أن القضية ستكون في حاجة إلى مدى زمنى أطول من ذلك، لأن الهدف أن يكون التصور شاملًا بالفعل، وأن يكون أمام القائمين على إعداده من الوقت ما يساعدهم على مراعاة ما لا بد من مراعاته، عند الانتقال من مرحلة التصور النظرى للمنطقة، إلى مرحلة التطبيق العملى على أرضها.
ومن بعد خروج هذا التصور إلى النور، لن نكون على موعد مع إزالة عشوائية لمقبرة هنا، أو لأخرى هناك، من مقابر المشاهير في كل مجال هناك، وسيكون أمامنا برنامج عمل ينقل رفات هؤلاء المشاهير إلى مقابر الخالدين.. وهى فكرة كان الدكتور مصطفى الفقى قد اقترحها، وجاء قرار الرئيس لينقلها من حيز الكلام إلى مربع الفعل.
السؤال الآن هو كالتالى: إذا تقرر نقل مقابر السيدة والإمام إلى مكان آخر يتسع لها، وإذا جرى فعلًا تشييد مقابر الخالدين، وإذا تم ذلك كله على أساس علمى سليم في تشييد المقابر البديلة، وفى نقل الرفات، وفى كل شىء، فماذا سنفعل بالمكان الذي تشغله المقابر حاليًا؟!
أظن أن الدولة لن تبخل على قاهرة المعز بحديقة عامة تنافس حديقة هايد بارك في لندن، لأن القاهرة التي يزيد عمرها على الألف سنة أحق بحديقة يتنفس فيها الناس هواءً طبيعيًا، وتظل مزارًا عامًا يذهب إليه المواطن بمثل ما يسعى إليه السائح كلما جاء العاصمة.
وأتصور أن الحكومة لن تتأخر في أن تمتد في مكان هذه المقابر، إذا ما تقرر نقلها وفق التصور الشامل، حديقة عامة لا تقل جمالًا عن حديقة ڤيلا بورجيزى في العاصمة الإيطالية روما.. فالقاهرة التي احتفلت في ١٩٦٩ بمرور ألف سنة على نشأتها تستحق أن تسابق روما في هذا الشأن فتسبقها، وتستحق أن تنعم بحديقة عامة تجعلها مزارًا يفضله السائح ويسعد به مواطنوها في ذات الوقت.
لا تحرموا القاهرة من حديقة عامة واسعة تضعها حيث يجب أن توضع بين العواصم، ولا تبخلوا على أهلها وزوارها بحديقة عامة تنافس هايد بارك وڤيلا بورجيزى وغيرهما، فتكسب المنافسة أمام نفسها أولًا، ثم أمام أهلها بالدرجة ذاتها.