بقلم - سليمان جودة
استيقظت الكويت، قبل أيام، على وثيقة وقّعها مرشحون للانتخابات البرلمانية المقبلة، وأطلقوا عليها اسمًا غريبًا هو: وثيقة القيم!.
ومن خلال بنود الوثيقة سوف تكتشف أن الموقّعين عليها ينتمون إلى التيار الدينى المتشدد، وأنهم لا يكتفون بأن يكون التشدد موجودًا فيما بينهم وفقط، ولكنهم يريدون توسيع دائرته ليفرضوه على المجتمع.. وبالذات على الناخب الذى سيكون عليه أن يضع صوته فى الصندوق!.
الوثيقة تقول إن الموقعين عليها سيعملون من داخل البرلمان المقبل على سَنّ قوانين تفصل الطلاب عن الطالبات فى الجامعة، وتمنع المسابح والنوادى المختلطة فى الفنادق، وتحظر الاختلاط فى المهرجانات والحفلات العامة!.. وهذه مجرد ثلاثة بنود من بين ١٣ بندًا تضمها الوثيقة المنشورة!.
ورغم أن الكويت صاحبة تجربة برلمانية متقدمة بين دول الخليج، فإن هذه التجربة تجد نفسها فى مواجهة مع التشدد السياسى مرة، ومع التشدد الدينى مرةً ثانية.. فالتشدد السياسى من جانب بعض أعضاء مجلس الأمة السابق هو الذى دفع أمير البلاد إلى إصدار قرار بحل البرلمان والدعوة إلى عقد انتخابات جديدة.. والتشدد الدينى هو الذى تمثله هذه الوثيقة التى تفرض على الناخب وصاية يجب ألّا تكون مفروضة عليه، ولا أن تؤثر على اختياراته عندما يجد نفسه أمام صندوق الاقتراع!.
ولكن الغالب أن لدى الناخب الكويتى من الوعى المتراكم ما يجعله قادرًا على أن يختار ممثليه فى البرلمان على أسس سياسية موضوعية، لا على أسس دينية متشددة!.
وقد كان الأمل أن يكون التيار الدينى المتشدد سياسيًّا قد استفاد من تجربة ما يسمى الربيع العربى، ولكن هذه الوثيقة تقول ببنودها المختلفة إنه لم يستفد شيئًا، وإنه لا يتعلم من التجربة، ولا للتجربة عنده رصيد يسعفه فى ممارسات الحياة العامة!.
وإذا كان ما يسمى الربيع العربى قد أخرج التيار الدينى المتشدد من الباب، فإنه يحاول العودة من الشباك، ولا بد أن «وثيقة القيم» هى خير دليل.. ولكن الرهان فى مواجهة التشدد بكل أنواعه يظل على مدى وعى الناس فى الكويت وفى غير الكويت من سائر بلاد العرب التى عانت من التشدد ولا تزال!.