بقلم - سليمان جودة
لا تملك إلا الإعجاب بتجربة الإمارات في التعامل مع قضية الأسعار، لأنها تجربة تكشف عن طريقة فريدة في السيطرة على أسعار السلع الأساسية، وبشكل يجعل زمام أسعار أي سلعة في يد الدولة بالكامل لا في أيدى التجار.
القصة بدأت في نوفمبر عندما أعلنت الحكومة الإماراتية أن ٩ سلع لن يكون تحريك سعر أي سلعة منها إلا بإذن مسبق من وزارة الاقتصاد.. وكانت السلع التسع كالآتى: زيوت الطهى، البيض، الألبان، الأرز، السكر، الدواجن، البقوليات، الخبز، القمح.
وفى فبراير عادت الحكومة فأعلنت أنها سوف تتلقى من منتجى هذه السلع طلبات رفع سعر أي سلعة فيها، وأن على مقدم الطلب أن يرفقه بتقارير عن سعر سلعته حاليًّا، وعن سعرها طوال السنوات الثلاث الماضية، وعن أسعار تكلفة الإنتاج، وعن أسعار السلع البديلة.. وعن.. وعن.. فالمطلوب ٨ تقارير وافية عن ٨ موضوعات ذات صلة بالسلعة المراد رفع سعرها.
ولأن وزارة الاقتصاد قالت إن أصحاب الطلبات من المنتجين سوف يتلقون الرد خلال ٣ أسابيع، فإنها أعلنت في ١٨ مارس أنها نظرت في الطلبات ودرستها، وأن رفع السعر سيشمل الدواجن والبيض فقط، وأن ذلك سيكون بحد أقصى ١٣٪، وأنها ستجعل هذه النسبة تحت التقييم على مدى ستة أشهر مقبلة، ليتقرر في نهايتها إلغاء الرفع أو تعديله.
ومما قالته الوزارة وهى تسمح برفع سعر سلعتين فقط من بين السلع التسع، أنها راعت ارتفاع تكاليف الإنتاج، وأنها حرصت على ما يحقق علاقة متوازنة بين التاجر والمستهلك، وأن دورها في النهاية هو حماية المستهلكين من أي جشع قد يمارسه التجار.
ليس هذا وفقط.. ولكنها كشفت عن أنها درست الأسواق بالتعاون مع متخصصين، وأن الدراسة قالت إن رفع سعر الدواجن والبيض يمكن أن يكون من ١٣% إلى ٢٠%، ولكنها قررت أن تأخذ بالحد الأدنى وأن تجعله حدًّا أقصى بالنسبة للسلعتين.. أما السلع السبع الباقية فأسعارها كما هي، ولا رفع في سعر أي سلعة منها إلا بهذه الطريقة المتبعة مع البيض والدواجن.
هكذا تنضبط الأسعار.