بقلم - سليمان جودة
لم أقرأ كلمة واحدة عن مسلسل «ستهم» خلال رمضان، ولا قرأت كلمة عنه بعد رمضان، مع أنه بقى طول الشهر يروّج لكل ما هو إيجابى بين المشاهدين!.
لم يكن هناك ما هو أشجى من صوت ياسين التهامى فى مقدمة المسلسل وفى خاتمته وفى أثناء حلقاته، وقد كانت هذه هى المرة الأولى التى يظهر فيها الرجل فى عمل درامى، وأظن أن كثيرين ممن تابعوا «ستهم» قد وجدوا متعة لا حدود لها فى صوت الشيخ ياسين.
ولم ينافسه فى عذوبة صوته إلا أداء الفنانة روجينا على مدى الحلقات الثلاثين، وقد كانت خلالها تنقل على الشاشة قصة حقيقية تابعنا وقائعها قبل سنين.
كان الرئيس فى ٢٠١٥ قد كرّم الحاجة صيصة أبودوح النمر، وكانت هذه السيدة من الأقصر، وكان زوجها قد مات عنها وهى فى سن ٢١، وكانت من بعدها قد قررت أن ترتدى ثياب الرجال لتجد عملا تعيش عليه!.. وقد عاشت فى زى الرجل سنوات طويلة، وعاشت تعمل ما لا يستطيعه إلا الرجال من المهن الشاقة، وكان كل ما يشغلها أن تربى أولادها وأن تتجنب معهم ذل السؤال.
كانت سيدة ولا كل السيدات، وكانت نموذجا للبطولة فى مواجهة الحياة، وكانت ترتدى الجلباب البلدى ومعه الشال الأبيض على رأسها، وكانت تسعى فى حياتها رجلا بين الرجال، وكانت تتحايل فى إخفاء حقيقتها كامرأة!.
وعندما تنقل الشاشة قصة بطولية كهذه فى عمل فنى، فالمفترض أن تصادف استحسانا لدى الذين يتابعون ويكتبون.. ولكن ولا كلمة توحد ربنا!.. وعندما تتفوق روجينا فى أداء الدور، فالمتصور أن تطالع فى الصحف ما يشجعها.
لكن ولا جملة واحدة تخزى العين!.. وعندما يجتهد المؤلف ناصر عبدالرحمن والمخرج رؤوف عبدالعزيز فى وضع قصة الحاجة صيصة أمام جمهور الشاشة الصغيرة.
فالمتخيل أن يجدا ما يشير إلى أنهما قدما ما يستحق التوقف عنده والإشارة إليه.. ولكن لا حس ولا حتى خبر!.. كل التحية للشيخ ياسين، والفنانة روجينا، وفريق عمل «ستهم» الرائع!.
كان تكريم الرئيس لبطلة القصة، على مرأى من العالم، تكريما فى الحقيقة للعمل الجاد الشريف باعتباره قيمة رفيعة، لكن المذهل أن هذه القيمة الرفيعة التى لا خلاف حولها لم تجد مَنْ يكتب عنها، وعاشت يتيمة طول شهر الصيام وفيما بعد شهر الصيام!.