بقلم - سليمان جودة
لا بد أن فنلندا مدعوة إلى أن تمسك الخشب، ولا سبب سوى أنها تجد اسمها يتصدر قائمة الدول الأسعد فى العالم، وللعام السادس على التوالى دون منافس.
ولا بد أن كل الدول تحسدها، كما لا بد أن كل الدول تتمنى لو كانت فى مكانها، ولكن كل الدول تعرف فى المقابل أن بقاء فنلندا فى هذا التصنيف العالمى على مدى ست سنوات متوالية ليس مصادفة، ولا هو بالمجان، وإنما هو حصيلة عمل لا يتوقف من أجل إسعاد المواطنين.
تقرير السعادة العالمى، الذى وضع فنلندا فى تصنيفها المعلن، خمس سنوات من قبل، ثم عاد يضعها فيه من جديد هذه السنة، هو تقرير يخرج على الناس فى هذا التوقيت من كل سنة، وعندما يعلن نتائجه، فهو يفعل ذلك عن دراسة وعن استقصاء طول العام، ولا يعلن ما يعلنه عشوائيًّا ولا يقول أى كلام، ولكنه يرصد مدى سعادة الناس فى شتى الدول، ثم يعلن ما وجده على مرأى من العالم.
وقد عاد التقرير فى هذه السنة ليؤكد وضعية فنلندا، التى تقع على الخريطة فى أقصى شمال أوروبا، والتى يعرفها العالم باعتبارها البلد صاحب التعليم الأفضل.. فهل هذه المسألة بالذات هى سبب سعادتها، وهى سبب السعادة التى يعرفها مواطنوها؟.
التقرير شاركت فيه ثلاث جهات: معهد جالوب الشهير لقياسات الرأى العام، وهو معهد موثوق فيه ومعروف بقياساته الدقيقة، ومعه منظمة الأمم المتحدة من خلال أجهزتها المختصة، وأخيرًا جامعة كولومبيا الأمريكية، التى تترأسها المصرية الشهيرة نعمت شفيق.
ولم يشأ تقرير السعادة أن يترك الناس يخمنون دواعى السعادة لدى الفنلنديين، ولكنه قال إن للسعادة أسبابًا كثيرة ومتنوعة، ولكن فى المقدمة منها بالنسبة لكل فنلندى ثلاثة أسباب: ارتفاع متوسط الدخل، والتمتع برعاية صحية جيدة، وامتلاك قدر كبير من الحرية.
ولو أنت دققت النظر فى هذه الأسباب كلها، فسوف تكتشف أنها تبدأ من التعليم وتنتهى عنده، وأنه ليس من المتصور أن يسعد بلد لا يعرف أبناؤه خدمة التعليم الجيدة، وأنك إذا كفلت تعليمًا جيدًا لأى مواطن فى أى بلد، فسعادته مضمونة ولا شك فيها.
جاءت الدنمارك فى الموقع الثانى بعد فنلندا، وجاءت أيسلندا فى الموقع الثالث، بينما كانت المواقع الثلاثة الأخيرة من نصيب أفغانستان، ولبنان، وسيراليون، وما بين الدول الثلاث الأولى والدول الثلاث الأخيرة، تأرجحت شتى دول العالم وتناثرت على طول القائمة.