بقلم - سليمان جودة
يأبى الدولار الأمريكى إلا أن يكون قاسما مشتركا أعظم فى الكثير مما يدور حولنا، وقد حدث هذا مرة على منصة تويتر، ومرةً ثانية فى أرض اليمن السعيد، وفى المرتين كانت تسعة دولارات لا غير هى البطل فى القصة من أولها إلى آخرها!.
حدث أولاً على منصة تويتر عندما صرح الملياردير الأمريكى إيلون ماسك، مالك المنصة الجديد، أنه سوف يزيل العلامة الزرقاء للمنصة من فوق حساب كل مشترك فيها، ما لم يدفع المشترك تسعة دولارات فى الشهر.. وعندما حان الموعد الذى حدده لإزالة العلامة الشهيرة، فإنه قد أزالها فعلا من فوق حسابات المشتركين الذى لم يدفعوا، وكان بينهم مشاهير حول العالم فى كل مكان!.. والغريب أنه أعادها من جديد دون أن يدفع المشتركون شيئا، ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى تتخبط فيها المنصة بين القرار وعكسه منذ أن آلت ملكيتها إلى الخواجة ماسك.
وحدث ثانيا فى بلاد اليمن السعيد، فكان الدولار بطلاً فى قصة مأساوية، وكانت القصة فى آخر أيام رمضان، وكانت التفاصيل مؤلمة وممتلئة بالأسى، وكانت نهاية حزينة لشهر الصيام فى اليمن الذى عشنا نقرأ أنه اليمن السعيد!.
كانت البداية عندما أعلن أحد التجار هناك أنه سيوزع مساعدات على فقراء البلد، وأن نصيب كل فرد سيكون تسعة دولارات.. وهى مفارقة من بين المفارقات أن يكون هذا المبلغ المتواضع على تويتر هو ذاته المبلغ الذى وقف آلاف اليمنيين فى طابور للحصول عليه!.
وما إن بدأ تاجر اليمن فى توزيع المبلغ الذى يساوى خمسة آلاف ريال يمنى، حتى اندفع الآلاف فى أرجاء المكان وتدافعوا بعضهم فوق بعض!.. وكانت النتيجة أن٩٠ منهم لقوا مصرعهم دهسا، وأصيب العشرات ممن وجدوا أنفسهم مطروحين على الأرض تحت أقدام المندفعين!.
حدث هذا فى أرض سبأ قبل العيد بساعات، وحدث هذا فى أرض بلقيس ملكة سبأ، وحدث هذا فى الأرض التى جاء اسمها على رأس سورة كاملة فى القرآن الكريم، والتى وصفها القرآن فقال فيها: «لقد كان لسبأ فى مسكنهم آيةٌٌٌ جنتان عن يمين وشمال كُلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور».
مات كل واحد من اليمنيين التسعين فى سبيل تسعة دولارات، فكأن حياته لا تساوى ٩ دولارات، لأنها لو كانت تساوى هذه الدولارات ما كان أحد منهم قد مات دونها!.