بقلم - سليمان جودة
الحديث عن أجواء الاستثمار فى بلدنا يمس العصب الحساس لدى كل مستثمر جاد، ويجعله يتمنى لو يجد فى واقع الحال ما يسمعه من الدولة عن هذه الأجواء فى شتى المناسبات.
ولو كتب الله لفكرة «بنك الأرض» أن تخرج إلى النور، فسوف تكون هى البداية لأجواء يأتى فيها المستثمر من الخارج وهو مغمض العينين.. وسوف يتشجع المستثمر الوطنى على العمل لأنه سيجد ما يحفزه.
ولأنه سيتعامل مع جهة واحدة تختص بالأرض، وليس مع عدة جهات، وستضع هذه الجهة الواحدة معايير توزيع موضوعية، ثم تطبقها دون تفرقة بين مستثمر ومستثمر.
وما سمعته من أصحاب أعمال كبار عن الفكرة يقول إن المسافة بين ما يُقال عن أجواء الاستثمار وبين ما هو حاصل بالفعل على الأرض لا تزال واسعة، ولا تزال هذه المسافة فى حاجة إلى جهد كبير.
ومما سمعته يتضح أن ما يقوله أساتذة الاقتصاد وخبراؤه شىء، وما يحكيه أصحاب الأعمال عن القضية نفسها شىء آخر تمامًا.. وهذا طبيعى.. لأن القاعدة التى صاغتها التجربة العملية أن مَن يده فى الماء ليس كمَن يده فى النار، وعندما تسمع من صاحب أعمال يواجه ما يواجهه فى ميدان عمله، فأنت تسمع من رجل يكلمك بلسانه بينما يده فعلًا فى النار.
وإذا كنت قد دعوت ولا أزال إلى وجود بنك للأرض فى البلد، فلأن الأرض هى أول ما يطلبه أى مستثمر يريد أن يوظف فلوسه، ولأننا لا نتصور مشروعًا يقوم على غير الأرض.
ولأن هذه الأرض إذا صادف المستثمر سهولة فى الحصول عليها فسوف يتفاءل ويستكمل الطريق، وإذا حدث العكس فسوف يبحث عن فرصة فى بلد آخر لأنه لا شىء يرغمه على العمل فى أجواء ليست مُرحبة.
الدولة بادرت بما يسمى «وثيقة سياسة ملكية الدولة» لتتحلل مما يجب ألّا يكون فى يدها، وبما أنها بادرت وأخرجت الوثيقة إلى النور، فالأفضل أن تمضى فى هذا السبيل إلى آخره، والأفضل أن تضع الأرض فى يد واحدة، بدلًا من أن تتعدد الأيادى التى يمر عليها كل مستثمر ويتعامل معها، إذا ما فكر فى الحصول على قطعة أرض.
بنك الأرض يرفع الحرج عن كل الجهات مع المستثمر فى تعاملاته، وبكل ما فى تعاملها المباشر فى مثل هذه الحالة من عيوب.. بنك الأرض لا يجعل لأى مستثمر عذرًا فى التخلف عن العمل بكل ما عنده من طاقة.