بقلم - سليمان جودة
وضعت يدى على قلبى عندما قرأت ما نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن الاشتباكات الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع.. فالصحيفة نقلت عن مسؤول في تل أبيب لم تذكر اسمه، أن وزير الخارجية الإسرائيلى ورئيس المخابرات الإسرائيلية على اتصال مع الطرفين المتقاتلين!.
وعندما نطالع مثل هذا الخبر، فلا بد أن نضع أيدينا على قلوبنا على الفور، وأن نتذكر ما حدث أثناء الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثمانى سنوات من ١٩٨٠ إلى ١٩٨٨.
وقتها كانت الولايات المتحدة الأمريكية على اتصال بالطرفين، وكان حالها معهما في مثل حال إسرائيل اليوم مع الطرفين في السودان.. وفيما بعد عرفنا أن الإدارة الأمريكية كانت تمد الاثنين بالسلاح، وكان الهدف أن يدمر بعضهما البعض في النهاية.
فهل هذا هو ما سوف تفعله الدولة العبرية، وهى تدفع وزير خارجيتها ومدير مخابراتها إلى الاتصال بالجيش السودانى وقوات الدعم السريع معًا؟!.. وهل هذا هو ما سوف يتبين لنا لاحقًا عندما يصل هذا الصراع بين الطرفين إلى غايته الأخيرة؟!.
سوف نرى.. والأيام وحدها سوف تكشف وسوف تقول، ولكننا في الوقت نفسه لا نتصور أن تل أبيب تحب الخرطوم إلى حد أنها ترغب في إنهاء الصراع بين الطرفين، أو أنها تسعى إلى وقف نزيف الدم الذي لا يتوقف منذ بدأت الاشتباكات في ١٥ من هذا الشهر!.
وليس سرًا أن إيلى كوهين، وزير الخارجية الإسرائيلى، كان في العاصمة السودانية قبل أسابيع، وكان يبحث في الطريقة التي يتم بها تطبيع العلاقات بين البلدين، وكانت بلاده ومعها الولايات المتحدة تمسكان السودان من يده التي توجعه، وكانتا تستخدمان ورقة العقوبات المفروضة على السودانيين منذ فترة.. بالضبط كما استخدم الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب ورقة رفع الخرطوم من لائحة الإرهاب، عندما فكر في ضم السودان إلى قطار السلام الإبراهيمى الشهير.
إننى أضع يدى على قلبى من جديد، وأنا أطالع بيانًا للحزب الشيوعى السودانى يتهم فيه جهات أجنبية بإمداد الطرفين بالسلاح.. صحيح أن الحزب لم يشأ أن يسمى هذه الجهات التي وصفها بأنها أجنبية، ولكن السابقة الأمريكية في الحرب العراقية الإيرانية حاضرة لا تغيب في الأذهان، ولا بد أنها سابقة تقول لنا الكثير مما لا يجب أن نغفل عنه أو ننساه.