بقلم - سليمان جودة
تتحدث ليبيا هذه الأيام عن زيارة إلى الأراضى الليبية قام بها وليام جوزيف بيرنز، رئيس المخابرات المركزية الأمريكية، ولم نعرف بها إلا بعد أن غادر الرجل!.
كانت زيارته مفاجئة وغير معلنة، وكان قد جاء من أجل لقاء اثنين من المسؤولين الليبيين، أحدهما المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطنى الليبى، الذى يتخذ من شرق البلاد مقرًا لإقامته، والثانى هو عبدالحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، الذى يتخذ من غرب البلاد مقرًا لحكومته.
وعندما نتكلم عن زيارة يقوم بها بيرنز إلى أى مكان، فنحن فى الحقيقة نتكلم عن زيارة يقوم بها أقوى رجل فى العالم.. وإذا شئنا قلنا عنه إنه الرجل الذى يحكم العالم من خلال جهازه الجبار.. والسؤال الأهم فى زيارة بهذا الوزن هو عن الشىء الذى استدعى مجىء بيرنز شخصيًا إلى ليبيا!.
ولا أعرف لماذا ذكّرتنى زيارته هذه بزيارة أخرى من نوعها قامت بها إلى تركيا جينا شيرى هاسبيل، رئيسة المخابرات المركزية الأمريكية، التى سبقت بيرنز فى مكانه.. كان ذلك فى اليوم الذى جرى فيه الكشف عن مقتل الصحفى جمال خاشقجى فى مدينة إسطنبول أكتوبر ٢٠١٨.. يومها قامت هاسبيل بزيارة خاطفة إلى المدينة التى كانت مسرحًا للجريمة، ثم عادت على الفور ولم تمكث فى المدينة سوى ساعات قليلة.
والمتابعون لأجواء مقتل خاشقجى يستطيعون بالطبع أن يخمنوا لماذا جاءت رئيسة المخابرات بنفسها، ولماذا لم ترسل أحدًا ينوب عنها؟!.
وإذا جرّبت أن تطالع ما قيل عن زيارة بيرنز إلى ليبيا، فسوف تجد نفسك أمام كلام عام، من نوع ما يقال فى كل المناسبات.. ومن السذاجة أن نصدق أن هذا الكلام العام هو الذى قطع رئيس المخابرات المركزية الأمريكية آلاف الأميال ليتحدث فيه.. وسوف يكون المعنى أن ما دار بينه وبين حفتر والدبيبة ليس للنشر، وأنه من الجائز أن نعرف ماذا دار بينهم.. ولكن ليس الآن.
كل ما يمكن قوله إن واشنطن يهمها فى ليبيا أمر واحد فقط هو النفط والغاز وما يضمن تأمينهما.. وما عدا ذلك يتأخر ويتأجل، سواء كان عن انتخابات رئاسية وبرلمانية مؤجلة من ديسمبر قبل الماضى، أو كان عن حكومة جديدة يُراد لها أن تتشكل، أو كان عن رجل المخابرات الليبى محمد المسعود أبوعجيلة، الذى جرى تسليمه إلى الولايات المتحدة الشهر الماضى وتجرى محاكمته فيها حاليًا.. وكل ما يمكن قوله كذلك؛ إن بيرنز جاء يقابل أقوى رجلين فى البلاد، أحدهما قوته عسكرية وهو حفتر، والثانى قوته سياسية وهو الدبيبة.