بقلم - سليمان جودة
قد يُقال إن أنظار عواصم العالم تتطلع اليوم إلى قمة الرؤساء والملوك العرب فى الرياض، ولكن المؤكد أن غزة تتطلع إليهم أكثر وتدعوهم إلى أن ينتصروا لها.. فالقمة التى تنعقد فى العاصمة السعودية لا بند فى جدول أعمالها إلا بند فلسطين، ومن قبل كانت البنود تتزاحم فى كل قمة على جدول الأعمال، ولكن ما يتعرض له قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى يفرض نفسه على هذه القمة الطارئة.
ونحن نذكر أن هذه هى القمة الثانية فى الموضوع.. فمن قبل دعت القاهرة إلى قمة القاهرة للسلام التى انعقدت ٢١ أكتوبر، وقد حضرها قادة عرب وغير عرب، ولم يصدر عنها بيان ختامى جامع لأن خلافًا نشب بين القادة العرب والقادة غير العرب، الذين كانوا قد جاءوا من عواصمهم يريدون تمرير ما لا يرضى به قائد عربى فى القضية.
فى قمة القاهرة للسلام كان هناك فريقان، أحدهما كان عربيًّا ينتمى للمنطقة ويؤمن بعدالة القضية فى فلسطين، والثانى كان قد جاء من خارج المنطقة وكان لا يرى القضية ولا يؤمن بعدالتها، مع أنه لا يتوقف عن الكلام فى مبادئ العدالة على وجه التحديد!.
ولأن هذه كانت طبيعة الذين حضروا، فلقد كان من الطبيعى أن يختلف الفريقان فى النهاية وألّا يخرج بيان ختامى، وهذا ما تداركته مصر، فأصدرت بيانًا عن رئاسة الجمهورية، عملًا ربما بالقاعدة التى تقول إن ما لا يُدرك كله لا يُترك كله.. وقد صدر بيان الرئاسة يومها، بينما لسان حال المحروسة يقول: صح منى العزم ولكن الدهر أبَى.
ولكن الأمر فى الرياض اليوم يختلف لأن الحاضرين كلهم من القادة العرب، ولأنه لا أحد يستطيع أن يزايد على موقف أى منهم فى القضية، ولهذا تتطلع إليهم غزة من موقعها على الخريطة وهى تتعلق بالأمل.
ولأن السعودية تترأس دورة القمة العربية الحالية، منذ انعقاد قمة جدة العربية فى مايو، فلقد كان عليها أن تنهض بمسؤوليتها، وكان لا بد أن تدعو إلى هذه القمة الطارئة ذات البند الواحد على غير العادة فى كل القمم السابقة تقريبًا.
كل ما تريده غزة من القادة العرب أن يتوحد موقفهم مما يجرى، تمامًا كما توحد موقف الأوروبيين فى قمة القاهرة للسلام.. وعندها سوف لا تشعر غزة بأنها تقف وحدها، وعندها أيضًا سوف تصل «الرسالة» الواجبة إلى تل أبيب ومعها واشنطن، وستكون رسالة مسجلة بعلم الوصول.