بقلم -سليمان جودة
تشتهر القليوبية بين المحافظات بزراعة الموالح، وتزرع البرتقال بكل أنواعه على مساحات كبيرة، وتبيع الكيلو منه على أرضه هذه الأيام بثلاثة جنيهات.
ولكن الكيلو نفسه يباع فى شوارع القاهرة بعشرة جنيهات!!.. يحدث هذا مع أن القليوبية على جوار مباشر مع العاصمة، ومع أنهما يشكلان مع الجيزة المجاورة ما يسمى القاهرة الكبرى.. وبما أن القليوبية تجاور القاهرة، فلا شىء يبرر بيع الكيلو بثلاثة أضعاف سعره الحقيقى هكذا، لأن تكلفة النقل بين المحافظتين لا يمكن أن تكون مبرراً، ولأن المسافة بينهما لا تتجاوز أربعين كيلومتراً.
ومعنى بيع كيلو البرتقال بعشرة جنيهات فى العاصمة أن هذا الفارق يذهب إلى جيوب التجار، وهو فارق يعبر عن استغلال بلا حدود يخضع له المستهلك فى البلد.
وليس البرتقال إلا مجرد مثال، وما يقال عنه يمكن أن يقال على بقية السلع، ولنا أن نتخيل الفارق بين سعر السلعة الحقيقى، وبين سعرها الذى تصل به إلى يد المستهلك، لو كانت قادمة من محافظة بعيدة فى أقصى الشمال من البلاد أو فى أبعد نقطة فى الصعيد.
وعندما يباع الكيلو من البرتقال على أرضه بثلاثة جنيهات، فهذا معناه أن المنتج حصل على ما يكفيه من ربح، وأن الكيلو يمكن أن يصل المستهلك بهذا السعر ذاته، أو بأكثر منه قليلاً، لو أن فكرة أسواق اليوم الواحد وجدت فى الحكومة مَنْ يتحمس لها ويخرجها من مجرد الكلام الذى نردده من فترة، إلى واقع حى يعيشه الناس ويلمسونه بأيديهم.
أسواق اليوم الواحد ليست اختراعاً نخترعه للمرة الأولى، لأنها موجودة فى بلاد كثيرة حول العالم، ولأنها كانت موجودة عندنا زمان فى المحافظات.. كانت كل محافظة تنظم فى عاصمتها سوقاً فى يوم محدد من أيام الأسبوع، وهو يوم لم يكن يتغير ولا يتبدل، وكان الناس فى عاصمة المحافظة وفى أجوارها يترددون على هذه السوق، وكانوا يحصلون منها على حاجاتهم من مختلف السلع بأسعار قريبة من أسعار التكلفة.
لا أحد ضد أن يحصل التاجر على ربح فيما يبيعه، ولكن عندما يصل الربح إلى أكثر من ٢٠٠٪، كما هو حاصل مع كيلو البرتقال، فهذا استغلال علنى لكل مستهلك، ولا حل معه سوى العمل بجد على تحويل فكرة أسواق اليوم الواحد إلى واقع يرحم الناس من الأسعار التى لا تكاد تبيت ليلة واحدة على حالها.