بقلم - سليمان جودة
إذا فكر مستثمر فى الحصول على قطعة أرض بغرض الزراعة فسوف يكون عليه أن يمر على وزارة الزراعة، ومن بعدها على وزارة الرى، ومن بعدهما سوف لا يجد بديلاً عن الذهاب إلى الآثار، ثم إلى المحاجر، ثم إلى الطرق، ثم إلى جهات أخرى الله وحده أعلم بعددها.
وهذا ينطبق بالطبع على المستثمر الوطنى الذى يحمل جنسية البلد، وينطبق معه على أى مستثمر قادم من الخارج على أمل أن يستثمر فلوسه عندنا.
والمعنى أن المستثمر، سواء كان وطنيًا أو أجنبيًا، سيجد نفسه فى مضمار سباق طويل، وسيكون عليه أن يتحلى بصبر أيوب وعزيمة موسى عليهما السلام، وسيكون عليه أن يدرب نفسه على طول النَّفَس، وكأنه فى مباراة من مباريات الغطس تحت الماء.
وإذا افترضنا أن كل مستثمر سيكون لديه هذا الصبر، وهذه العزيمة، وهذه القدرة على ممارسة رياضة طول النفس، فإننا نخطئ تمامًا فى حق بلدنا، وفى حق أنفسنا، ونعطى مقاصد الاستثمار من حولنا فى المنطقة وفى العالم فرصة العمر.
نعطيها فرصة العمر لأن المستثمر كالطائر يحط على الشجرة التى يجد فيها راحته، ولا يجد نفسه مرغمًا على الاستثمار فى أرض يمر من خلالها على كل هذه الجهات.. ونحن نخطئ أكثر وأكثر إذا تخيلنا أن المستثمر سوف يأتى من تلقاء نفسه، أو أنه لا خيارات أخرى أمامه فى أنحاء العالم أينما ذهب.. نخطئ عندما نتخيل هذا أو نتصوره، ونبدد الكثير من الفرص الاستثمارية التى يمكن أن تعود علينا بالمال فى الخزانة العامة، والتى يمكن أن توفر فرص عمل نحتاجها أكثر مما نحتاج أى شىء سواها.
وليس من الممكن أن تتحدث الحكومة عن «وثيقة سياسة ملكية الدولة»، ثم يدور حول الوثيقة نقاش طويل، ثم تخرج بالفعل إلى النور، ثم يكون هذا هو حال المستثمر مع الأرض فى بلد مساحته مليون كيلومتر مربع.. فالحديث عن وثيقة تتخارج بموجبها الدولة من أنشطة استثمارية، وتخفف من وجودها فى أنشطة أخرى، لا يمكن أن يكون حديثًا على الدرجة الواجبة من الجدية، إلا إذا وضع فى اعتباره حكاية الأرض فى البلد، وقصة المستثمر معها كلما فكر فى الاقتراب منها.. لا يمكن.
فما العمل وما الحل؟!.. العمل والحل هما فى «بنك للأرض» يضمها كلها عنده، ولا تنازعه جهة أخرى فى مسؤوليته عنها.. بنك للأرض فى مصر كفيل بتغيير وجه الحياة فيها، ولكن قصة هذا البنك موضوع آخر يمتلئ بالشجن!.