بقلم - سليمان جودة
فى ١٥ مايو ١٩٩٨ أصدرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ملحقاً كان هو الأول من نوعه بالنسبة للصحيفة، وكانت هى قد خصصته للعلاقة بين واشنطن وتل أبيب، وللبحث فى خطوات هذه العلاقة منذ بدأت وحيث سارت.
كان ذلك اليوم يوافق مرور ٥٠ سنة على قيام إسرائيل، فى ١٥ مايو ١٩٤٨، وكان هارى ترومان رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية حين قامت إسرائيل.
وفى يوم إصدار الملحق كان بيل كلينتون فى البيت الأبيض رئيسا، وكانت الصحيفة الأمريكية الشهيرة تريد أن تعرف، من خلال ملحقها، ما إذا كانت العلاقة بين الولايات المتحدة والدولة العبرية قد اختلفت مع مرور نصف قرن عليها، أم أنها لاتزال على طبيعتها التى قامت عليها؟!.. وفى سبيل الحصول على إجابة طرحت الصحيفة فى الملحق هذا السؤال: ماذا تعنى إسرائيل بالنسبة لك؟!.
وتوجهت نيويورك تايمز بالسؤال إلى كلينتون، ثم إلى كل رئيس أمريكى آخر كان لايزال على قيد الحياة، وراحت تفتش فى تاريخ كل رئيس أمريكى رحل عن الحياة للحصول على الإجابة التى تريدها، وقد فعلت هذا بدءا من ترومان ومرورا بكل الذين جاءوا من بعده فى منصبه!.
وكانت المفاجأة أن الإجابة كانت واحدة وأن اختلافها فى الشكل، من رئيس إلى آخر، لم يكن يعنى اختلافها فى المضمون.. لقد تبين للقائمين على الملحق يومها أنه مضمون واحد، وأنه يكاد يكون صورة بالكربون.. وكأن كل رئيس منهم كان يترك وراءه وصية بهذا الشأن للرئيس القادم من بعده على الطريق.
كانت إجابة كل رئيس حى، بخلاف كلينتون، أنه التزم طوال وجوده فى مكتبه البيضاوى بأمن إسرائيل، وكانت إجابة كلينتون من موقعه أنه ملتزم بالشىء نفسه، وأنه سيظل على التزامه إلى أن يغادر المنصب، وكان الذين غادروا الدنيا من الرؤساء الأمريكان قد تركوا وراءهم ما يقول إنهم عاشوا على الالتزام ذاته، وإنهم لم يحيدوا عنه لا إلى يمين ولا إلى شمال.
المفاجأة الأكبر أن الرئيس جو بايدن أجرى، قبل ساعات، اتصالا تليفونيا مع بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، وأبلغه التزام أمريكا، والتزامه هو نفسه، بأمن إسرائيل.. ولم يختلف الحال مع بوش الابن، وأوباما، وترامب، الذين جاءوا فى الفترة الواقعة بين كلينتون وبايدن.