بقلم - سليمان جودة
أعلنت الشرطة فى مقاطعة لانكشير البريطانية أنها فرضت غرامة قدرها مائة جنيه استرلينى على رئيس الحكومة، ريشى سوناك، لأنه لم يكن يضع حزام الأمان فى سيارته وهو يتحرك بها.
وقد وجد الخبر مكانه فى الصفحات الأولى فى عدد من الصحف العربية، ونشرته صحف أخرى بعنوان لافت فى مساحة بارزة على صفحاتها الأخيرة أو الداخلية.. ولا تعرف لماذا وجد الخبر هذا المكان البارز فى تلك الصحف، ولا تعرف ما إذا كان ذلك قد حدث لأنه خبر مهم أم لأنه خبر يجمع بين الغرابة والطرافة معًا!.
ولا يزال قائد السيارة عندنا لا يضع حزام الأمان، ولا كذلك الشخص الجالس إلى جواره إلا إذا أحس كلاهما بأن الرادار يراقبهما، فإذا غاب الرادار غاب الحزام.. وهذه قصة أخرى لها علاقة بثقافة القيادة على الطرق، وبالثقافة السائدة فى المجتمع عمومًا.
ولكن الغالب أن إنجليزيًّا لو طالع خبر توقيع الغرامة على رئيس حكومته فى صفحاتنا الأولى، فسوف يستغرب الأمر جدًّا، وسوف يراه خبرًا فى غير مكانه، وسوف يتساءل عن السبب الذى يجعله يحصل على هذه المساحة فى الصفحة الأولى من أى مطبوعة عربية!.. سوف يتساءل عن ذلك كله لأن القاعدة التى يدرسها الطلاب فى كليات الإعلام كانت ولا تزال أن الكلب إذا عض رجلًا فهذا ليس خبرًا، وأن الخبر الحقيقى هو عندما يحدث العكس فيعض الرجل كلبًا!.
والغالب أن الصحف الإنجليزية لم تهتم بالخبر، كما اهتمت به الصحف فى منطقتنا، لا لشىء، إلا لأنه خبر من النوع العادى.. مع أن الطبيعى أن كل ما يتعلق برئيس الحكومة فى بلد كبير مثل بريطانيا هو أمر مهم لأن الملك هناك يملك ولا يحكم، ولأن الحكم فى يد رئيس الحكومة.
لا يمثل مثل هذا الخبر أهمية لدى الصحافة الإنجليزية لأن توقيع غرامة على أعلى سلطة حاكمة فى البلاد مسألة عادية حدثت مع مسؤولين سبقوه فى مكانه، وسوف تتكرر مع مسؤولين آخرين قادمين مثله.. وما هو عادى لا يُعتبر خبرًا فى عُرف أى صحافة جادة.
وقد خضع «سوناك» للغرامة، ولم يقاوم أو يعترض، وسوف يدفع الغرامة دون نقاش، وربما يكون قد دفعها إلكترونيًّا فى الحال، وهو لم يقاوم لأنه يعرف أنه أخطأ، وخالف قواعد المرور، وأنه لا فرق أمام القانون بين ساكن ١٠ داونينج ستريت، حيث يقيم رئيس الحكومة ويعمل، وبين أى شخص يمر عابرًا أمام مقر دولة الرئيس.