بقلم - سليمان جودة
تتعالى الأصوات الداعية إلى تشكيل حكومة جديدة، وتبدو هذه الحكومة الجديدة فى نظر كثيرين وكأنها المنقذ فى مواجهة الظرف الاقتصادى الصعب.
إننى أحمل كل الاحترام لأصحاب هذه الأصوات، ولكنى أجد نفسى على خلاف مع ما يدعون إليه، لأن تشكيل أى حكومة لا يصح أن يكون هدفًا فى حد ذاته، وإنما يصح أن يكون أداة فى التعامل مع صعوبة الوضع الاقتصادى بالطريقة السليمة.
ما أسهل أن تذهب حكومة وتأتى حكومة أخرى فى مكانها، وما أيسر أن نجد أنفسنا فى الغد أمام رئيس حكومة جديد، ولكننا سنكتشف فى الغالب أن هذا ليس حلًا، لأن تغيير الأشخاص سهل.. أما تبديل السياسات والعقليات فهو الصعب.
وقد عشنا سنين من قبل نرى الحكومات تتبدل، ثم لا يتغير واقع الحال ولا يطرأ عليه اختلاف، وكان السبب أن تغيير الحكومة كان يتم لامتصاص غضب الناس، وكان يتم لتخفيف سخطهم، وتهدئة خاطرهم، ومحاولة إقناعهم بأن الحال بعد الحكومة الجديدة لن يكون كما كان قبلها.. وكان الناس يكتشفون مع الوقت أن ما قيل لهم غير صحيح، وأن ما سمعوه مع مجىء حكومة جديدة غير دقيق، وكان يتبين لهم أن حالهم كما هو.
والأنسب أن تغير الحكومة سياساتها التى اتبعتها على مدى السنين الماضية، وأن تؤمن بأن هذه السياسات لم تعد تصلح اليوم، وأن تعلن ذلك بصراحة على الناس، وأن تقول إنها كانت تفعل كذا فيما مضى، وأنها لن تفعله هو نفسه فى الحاضر، وأن السياسات السابقة إذا كانت قد وصلت بنا إلى هنا، فتغييرها واجب وطنى، والإقلاع عنها ضرورة وطنية.
وعندما قالت الحكومة فى «وثيقة سياسة ملكية الدولة» إن سياسات معينة سوف يستغرق تغييرها ثلاث سنوات، فإن ذلك بدا وكأن الحكومة لا تنتبه إلى أن إيقاع الحركة حولها فى العالم أسرع بكثير، وأن أحدًا فى العالم لن ينتظرها بالتالى.
زمان كان برنارد شو قد رفض جائزة نوبل، ولما سألوه عن السبب قال إنها بالنسبة له مثل طوق نجاة ألقوه لغريق بلغ الشاطئ.. وكانت الفكرة عنده أن طوق النجاة له توقيت، وأنه إذا تأخر عن توقيته الدقيق فقد معناه.. ولذلك فتغيير السياسات الاقتصادية التى قادتنا إلى ما نراه لابد أن يكون الآن.. اليوم وليس غدًا.. وإلا فإن طوق النجاة يتخلف عن توقيته ويفقد جدواه.