بقلم - سليمان جودة
فى وقت من الأوقات تبادلت الجماعة الحوثية فى اليمن أسراها مع قوات الحكومة الشرعية اليمنية، وانتهت العملية بأن استرد كل طرف منهما أسراه من الطرف الآخر.
وكانت سابقة سوف يكتب عنها التاريخ لاحقًا، وسوف يقول فيما يكتبه إن العادة قد جرت على أن تتبادل الجيوش والدول أسراها فى الحروب.. أما أن يكون التبادل داخل الدولة الواحدة، وبين اليمنيين وأنفسهم، فهذا هو الجديد، وهذه هى السابقة.
وكان الأمل أن تكون هذه السابقة العربية هى الأخيرة التى لا نظير لها بعدها، ولكن الذين تمنوا ذلك قد خاب ظنهم، وكان السبب أنهم طالعوا فى وسائل إعلام هذا الأسبوع ما يفيد بأن ما جرى فى اليمن السعيد قد جرى مثيله فى ليبيا بلد العقيد.
التبادل هذه المرة كان بين الجيش الوطنى الليبى، الذى يقوده المشير خليفة حفتر، وحكومة الوحدة الوطنية التى يقودها عبدالحميد الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس فى الغرب مقرًا لها.. ولم تكن العملية تبادلًا للأسرى، ولكنها كانت تبادلًا للمخطوفين بين الطرفين!
كان الجيش الوطنى قد هاجم طرابلس فى وقت سابق، وكانت حكومة الدبيبة قد خطفت منه عددًا من الأفراد بينهم لواء طيار، وفى المقابل خطف الجيش عددًا من أفراد قوات الدبيبة.. وفى خلال عملية التبادل الأخيرة استرد الجيش لواءه الطيار فى مقابل ١٥ مخطوفًا ردهم إلى حكومة الوحدة فى العاصمة!.
لقد وصل العرب إلى هنا.. وصلنا إلى اليوم الذى يتبادل فيه اليمنيون أسراهم، ويتبادل فيه الليبيون مخطوفيهم، ثم وصلنا إلى اليوم الذى يجرى فيه تقييم مواطن ليبى واحد بأنه يساوى ١٥ مواطنًا ينتمون إلى بلده نفسه، ويحملون الجنسية نفسها التى يحملها.. وكأننا فى زمن شريعة حمورابى التى كانت تفرق بين الناس أمام القانون على حسب وضعيتهم الاجتماعية.
وقد كنا نطالع فى الأساطير والحكايات الشعبية أن الديك فى العادة لا يبيض، ولكنه إذا باض فإنه يفعلها مرةً واحدة ولا يكررها.. وكنا نتخيل أن السابقة التى شهدها اليمن السعيد سوف تكون مثل بيضة الديك، وسوف لا يكون لها مثيل، ولكن ما جرى فى بلد العقيد وضعنا أمام كلام آخر، وأثبت أن الديك يمكن فى أرض العرب أن يبيض أكثر من مرة!.