بقلم : سليمان جودة
أعادنى الدكتور طارق خليل، الرئيس المؤسس لجامعة النيل، إلى قراءة دراسة مهمة للدكتور مختار خطاب، الذى ننسى أنه أستاذ للاقتصاد فى جامعة جرونوبل الفرنسية وفى جامعة القاهرة، قبل أن يكون وزيرًا فى أيام مبارك.
كان الدكتور خطاب قد كتب الدراسة عن مشكلات اقتصادنا وحلولها، ولأنه دارس للتكنولوجيا ونُظُم المعلومات فى الولايات المتحدة، فإنه قد انتهى إلى ثلاث نصائح ذهبية لمَن يريد الذهاب باقتصاد البلد إلى المستقبل، وكانت إحدى النصائح الثلاث أن ننتج التكنولوجيا وألا نتوقف عند حدود استهلاك التكنولوجيا التى ينتجها غيرنا.
ولكن الدكتور خليل ذهب إلى زاوية أخرى فى الموضوع نفسه، وخصص لها محاضرة حاشدة ألقاها فى جامعة النيل.. كانت زاويته الأخرى فى الحقيقة عدة زوايا.. أما أولى الزوايا فهى أن «إدارة التكنولوجيا» طريق إلى الثروة والقوة معًا.
وأما الزاوية الثانية فى موضوعه فهى أن التكنولوجيا مفهوم قديم، وأنها ليست حكرًا على عصر الذكاء الاصطناعى الذى نعيشه ونراه، ولا حتى على العصر الذى سبق عصر الذكاء الاصطناعى وأنتجه أو أدى إليه.. وفى بيان ذلك أشار فى محاضرته إلى أن انتقال الإنسان القديم من الرعى والصيد مثلًا كمرحلة فى حياته إلى مرحلة الزراعة كان نوعًا من التكنولوجيا بمفهوم ذلك العصر، وأن انتقال الإنسان نفسه من الزراعة إلى الصناعة كان نوعًا من التكنولوجيا أيضًا، ولكن بمفهوم العصر الذى جرى فيه هذا الانتقال.
التكنولوجيا أداة، ولأنها كذلك فهى فى حاجة دائماً إلى البحث، وإلى التطوير، وإلى المعرفة، وإلى الابتكار، وطبيعى أنها فى حاجة قبل ذلك كله إلى إنفاق عام يحمل البحث، والتطوير، والمعرفة، والابتكار، إلى أرض أخرى داخل الدولة الطامحة.
وإذا أردنا مثالًا على أن التكنولوجيا طريق إلى الثروة فى حياة الدول والشعوب، فلنراجع نموذج الذكاء الاصطناعى «ديب سيك» الذى استطاعت به الصين أن تُحدث هزة فى دنيا هذا النوع من التكنولوجيا.. فلقد استيقظ العالم على أن هذا النموذج فى إمكانه أن ينافس نموذج «شات جى بى تى» وأن يدخل معه فى مباراة على ملعب باتساع العالم.
الدكتور خطاب دعا إلى إنتاج التكنولوجيا لا الاكتفاء باستهلاكها، والدكتور خليل يدعو إلى إدارتها، وإذا ضممنا الدراسة إلى المحاضرة، فسوف يجد صانع القرار الاقتصادى فى البلد أنه أمام رجلين يقدمان له هدية لن يجدها فى مكان آخر.