بقلم - سليمان جودة
قالت الحكومة إن حصيلة بيع الشهادات الجديدة، التى يصل عائدها إلى ٢٥٪، فى البنك الأهلى وبنك مصر، وصلت إلى ٩١ مليار جنيه.. كان هذا قبل أربعة أيام، وبما أن الشهادات لاتزال مطروحة للبيع، فالغالب أن الحصيلة تجاوزت المائة مليار.
وتستطيع الحكومة أن تعرف بسهولة من أين جاءت هذه المليارات بالضبط؟!.. هل جاءت من كسر شهادات قديمة بعائد أقل فى البنكين، مع إعادة ربطها بالعائد الجديد فيهما أيضًا؟!.. أم جاءت من كسر ودائع وشهادات فى البنوك الأخرى، ثم تحويل قيمتها إلى البنكين للاستفادة من هذا العائد المرتفع الذى لا يتوافر فى سواهما من البنوك؟!.. أم جاءت من أموال كانت موجودة فى أيدى الناس بالفعل، ولكنهم قرروا تحويلها إلى شهادات تتمتع بهذا العائد غير المسبوق؟!
إن الإعلان عن وصول الحصيلة إلى ٩١ مليار لم يقترن بتفسير للرقم، ولا قالت الحكومة وهى تعلنه ماذا يعنى، ولا ما هى دلالاته من الناحية الاقتصادية؟!.. ولكنها أعلنته مجردًا صامتًا هكذا، ومن غير أى شرح أو بيان يقول للناس ما هو المعنى، وما هى الفكرة فى الموضوع؟!
وليس سرًا أن الهدف الحقيقى من وراء طرح شهادات بعائد من هذا النوع هو إغراء الناس بوضع ما فى حوزتهم من أموال فى البنوك، بدلًا من الاحتفاظ بها فى الجيوب والبيوت؟!
هذا هو الهدف القريب إذا صح التعبير.. وهناك هدف آخر أبعد هو التحكم فى ارتفاعات الأسعار، بتقليل الكاش فى أيدى الناس، وتقليل عمليات الشراء بالتالى.. وهذا لن يتم إلا إذا كانت الحصيلة المعلن عنها قد جاءت من البيوت والجيوب فعلًا، لا من البنك الأهلى وبنك مصر ولا من باقى البنوك.
إذا كانت هذه الحصيلة الضخمة من كسر شهادات وودائع فى البنكين، أو فى غيرهما، فالعملية بالنسبة للحكومة تظل أشبه بمن ينقل أموالًا من جيبه الشمال إلى الجيب اليمين.
وحين يتم إغلاق باب بيع هذه الشهادات سيجرى بالتأكيد الإعلان عن مجمل الحصيلة، وستكون مانشيتات فى الصفحات الأولى من الصحف، وسيقال فيها كلام كثير، ولكن أهم ما يجب أن يقال فيها هو مصدرها، وما إذا كان من داخل البنوك عمومًا أم أنه من خارجها؟!.. هذا ما لابد أن نكون أمناء فيه مع أنفسنا، حتى لا نبنى على ما هو غير دقيق أو صحيح.