بقلم - سليمان جودة
إذا لم تكن قد قرأت البيان الصادر عن ٩ دول عربية، أمس الأول، فأنا أدعوك إلى أن تعود لتقرأه في هدوء لأنه مهم، ولأنك ستجد فيه الأصل الذي يعود إليه كل ما يشهده قطاع غزة هذه الأيام من مواجهات دامية.
البيان صدر عن الدول العربية التسع التي حضرت قمة القاهرة للسلام في ٢١ أكتوبر الجارى، وهذه الدول هي: مصر، المغرب، الأردن، السعودية، الإمارات، سلطنة عمان، البحرين، الكويت، ثم قطر.
ورغم أن البيان يتضمن ١١ بندًا، فإنى توقفت أمام البند الحادى عشر فيه على وجه الخصوص، ليس عن تقليل من شأن بقية البنود، التي يمثل كل بند فيها أهمية في حد ذاته وفى موضوعه، ولكن لأن البند الأخير يضع يده على السبب الذي أدى إلى الوضع الحالى في أرض فلسطين بين أبنائها الذين يقيمون في قطاع غزة، وبين الإسرائيليين في مرحلة ما بعد هجوم السابع من أكتوبر الجارى.
البند الحادى عشر يعود بالمواجهة الجارية في غزة إلى غياب الحل السياسى على مدى عُمر القضية، فهو غياب غذّى العنف في الأراضى المحتلة وفى المنطقة، وسوف يظل يغذيه، ما لم يحضر هذا الحل ويتجسد على الأرض في صورة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
هذه هي الحقيقة، التي هربت وتهرب منها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.. وقد كانت كل حكومة من تلك الحكومات تجد هذه الحقيقة ماثلة أمامها في كل مرة من مرات الهروب، وكان هذا يحدث في كل لحظة من لحظات تجدد المواجهة بينها وبين الفلسطينيين، سواء كانوا في غزة أو في الضفة، وسوف تظل المواجهات تتجدد مادام الحل السياسى غائبًا.
فالضفة جرى احتلالها في ٥ يونيو ١٩٦٧، وكذلك جرى احتلال غزة معها في التاريخ نفسه.. ولذلك.. لا حل يوقف هذا الصراع المفتوح سوى العودة إلى حدود ٤ يونيو، لتقوم عليها دولة فلسطينية ذات سيادة إلى جوار الدولة العبرية.
قد يقول قائل إن هذا كلام سمعناه كثيرًا، وسوف أقول إن هذا صحيح في جزء منه، أما الجزء المتبقى فهو أن ما يقوله البند الحادى عشر في بيان الدول التسع ليس مجرد كلام يُقال أو يُعاد ترديده، ولكنه مبادئ ثابتة لا بد من إعادة التأكيد عليها، لعل الذي نسى في تل أبيب يتذكر، ولعل الذين يمارسون الإنكار في إسرائيل ينتبهون إلى أنه لا يُفيد.