بقلم - سليمان جودة
فى مثل هذا الشهر من السنة الماضية، رحلت الملكة إليزابيث عن ٩٦ سنة، وقبلها بسنة واحدة مات زوجها الأمير فيليب عن مائة سنة كاملة، وقد روت عنه أنه كان إلى ما قبل رحيله بسنوات يقود سيارته مسرعًا، وكانت هى ترافقه أحيانًا، وكانت كلما طلبت منه أن يهدئ السرعة هددها بأنه سيوقف السيارة، ويُنزلها على قارعة الطريق!.
وقد عاشت الملكة إلى ما قبل رحيلها بأيام تستقبل رئيس الوزراء، وتؤدى مسؤولياتها فى القصر كاملة، وتروح وتجىء فى لياقة واضحة.
وقبل أيام، رحل الرئيس الإيطالى جورجو نابوليتانو عن ٩٨ سنة، وكان إلى ٢٠١٥ يتولى رئاسة الدولة، وكان قد بدأ حياته السياسية فى سن ١٧ سنة.. صحيح أن نظام الحكم فى إيطاليا برلمانى، وأنه نظام يجعل السلطة الحقيقية فى يد رئيس الوزراء لا رئيس الدولة، كما هو الحال فى الهند وفى إسرائيل مثلًا، ولكن سيرة الرئيس نابوليتانو تقول إنه ظل يتمتع بلياقة كبيرة إلى ما قبل رحيله بأسابيع، وإنه عاش مدى حياته يتنقل فى رشاقة بين المواقع والمناصب.
وفى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه السنة، نقلت وكالات الأنباء صورة صحفية للقاء تم بين بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، وهنرى كيسنجر، الذى لا يزال أشهر وزراء خارجية الولايات المتحدة، ومستشارى الأمن القومى فيها.
وكان وجه الغرابة فى الصورة أن «كيسنجر» فى العام الأول بعد المائة من العمر، ومع ذلك فإنه انتقل من بيته حيث يسكن ويقيم إلى مقر الأمم المتحدة فى نيويورك، حيث التقى مع رئيس الوزراء الإسرائيلى، ولا بد أنه التقى مع سواه بالضرورة!.
هذه مجرد نماذج لأشخاص أربعة من دول متناثرة على الخريطة، ولكن ما يجمع بينها أنها دول غربية كلها، وليس بينها دولة شرقية واحدة.
والأربعة معمرون بمقاييس منظمة الصحة العالمية، التى تعتبر الشخص الذى يتجاوز التسعين معمرًا.. ولا بد أن هناك كثيرين بخلاف الأربعة فى دول الغرب، ولا تزال اليابان على سبيل المثال تحصى عدد المعمرين عندها وتقول إن أعدادهم فى تزايد.. والسؤال هو كالتالى: هل يعود ذلك عندهم إلى جينات فى الجسد تطيل العمر بطبيعتها، أم يعود إلى مستوى جودة الحياة التى يعيشونها، أم إلى ماذا على وجه التحديد؟.. هذا سؤال يظل يبحث عن إجابة بيننا.