بقلم - سليمان جودة
ربما يكون الدكتور أحمد عكاشة مدعوًا إلى لفت انتباه منظمة الصحة العالمية إلى أن المريض النفسى ليس مصابًا فى عقله.. وربما يضيف وهو يلفت انتباهها أن العلم لا يعرف شيئًا اسمه مرض عقلى فى الأساس، وأن المرض الذى شاع بين عامة الناس على أنه مرض عقلى، هو مرض نفسى فى الأول وفى الآخر، وأن علينا أن نسمى الأشياء بأسمائها ونحن نتكلم فى هذا الموضوع!
أما السبب فهو أن المنظمة أصدرت تقريرًا قبل أيام تقول فيه إن أمراض الاكتئاب، والقلق، والوسواس، وغيرها، قد زادت فى زمن كورونا بنسبة ٢٥٪.
إلى هنا لا شىء فيما يقوله التقرير، لأنه يذيع ما رصده فى أحوال الناس على مستوى العالم، ثم إن ما يقوله فى هذا الشأن أمر منطقى.. وإلا.. فهل كنا نتوقع شيئًا بخلاف ما يقوله التقرير فى زمن الوباء الذى حبس الناس بين جدران أربعة فى أنحاء الأرض؟!
إن أجواء كابوس الوباء كانت هى أخصب أرض يمكن أن ينبت فيها المرض النفسى.. ولا فرق بعد ذلك بين أن يكون هذا المرض اكتئابًا، أو وسواسًا قهريًا، أو قلقًا زائدًا على الحد، أو أرقًا مضاعفًا.. أو.. أو.. إلى آخر قائمة هذه الأمراض النفسية التى تصيب الناس فى الزمن العادى، والتى وجدت فى زمن كورونا مجالًا متسعًا تنتشر فيه، وتتمدد، وتصل إلى ذروة لم تصل إليها من قبل.
ولكن المشكلة هى فى أن التقرير إياه يتحدث عن وجود مليار مريض عقلى فى العالم، وعن أن هذه الزيادة غير المسبوقة سببها كورونا طبعًا!
إن منطق الأمور يقول إن فى العالم مليارًا من المرضى النفسيين بالأمراض المشار إليها.. ولكن الواضح أن خلطًا وقع فيه الشخص الذى حرر التقرير فلم يفرق بين المرضين.. ومن الجائز أن يكون الخلط قد وقع من جانب الصحف ووكالات الأنباء التى أذاعت الخبر، وأن تكون قد ترجمت المرض النفسى على أنه مرض عقلى، وأن تكون بذلك قد ضللت القراء والمتابعين.
باختصار.. تظل منظمة الصحة العالمية فى حاجة إلى أن تعيد إصدار تقريرها، ليكون الناس على بينة من أنها تقصد الأمراض النفسية، وأن المريض النفسى ليس مريضًا عقليًا، وليس مجنونًا بالتالى ولن يكون.. وهذا ما قضى الدكتور عكاشة حياته يدعو إليه ويشرحه، ويبينه، ويوضحه، ولايزال.