قرداحي في وفد ماكرون إلى الخليج

قرداحي في وفد ماكرون إلى الخليج؟!

قرداحي في وفد ماكرون إلى الخليج؟!

 العرب اليوم -

قرداحي في وفد ماكرون إلى الخليج

جورج شاهين
بقلم : جورج شاهين

كاد بعضهم من محور الممانعة ان يقيس المطالبة السعودية باستقالة وزير الاعلام جورج قرداحي منذ اللحظة الأولى للأزمة الديبلوماسية التي نشأت نتيجة تصريحاته مع الرياض وحليفاتها، بميزان المفاوضات النووية في فيينا، والمحادثات السعودية – الايرانية في بغداد وبالوضع في مأرب. وعليه، فقد اثبتت الاحداث عقم هذه النظرية، فتحولت الاستقالة ورقة في ملف الرئيس ايمانويل ماكرون عندما وطأت قدماه أبو ظبي. فهل انضم قرداحي الى الوفد الفرنسي المرافق؟

لم يتريّث ماكرون في استخدام ورقة استقالة قرداحي الى ان يصل الى جدة للقاء القيادة السعودية في ختام الجولة الخليجية الثلاثية التي بدأها في دولة الإمارات العربية المتحدة قبل ان ينتقل الى قطر فالمملكة العربية السعودية، فبادرَ في اولى تصريحاته التي تلت لقاءه مع القيادة الاماراتية الى استغلالها جامعا ًبينها وبين مجموعة امنياته وآماله بـ»حدوث تقدم في شأن الأزمة اللبنانية في غضون الساعات المقبلة». مؤكداً وجازماً «اننا سنفعل ما في وسعنا لإعادة إشراك منطقة الخليج من أجل صالح لبنان». وتمنى «أن تسمح لنا الساعات المقبلة بتحقيق تقدم». داعيا الرئيس نجيب ميقاتي الى ان «يعقد اجتماعاً للحكومة بسرعة كي يتمكن من العمل بأقصى الجهود» بعدما حمّله الرسالة الاخيرة الى قرداحي.

قد يكون في ما اكده الرئيس الفرنسي اكثر من مؤشر على اهمية «ورقة الاستقالة» التي تمناها ماكرون من بيروت فتم توفيرها له، قبل ان تطأ قدماه أرضاً خليجية. وكأنها تشكل مفتاحا سحرياً يسمح بالبحث في وضع لبنان خلال أولى لقاءاته في أبو ظبي. فيما كان هناك من يعتقد انه يحتاجها في لقاءات السعودية فقط لأنها صاحبة قرار الحل والربط فيما جرى بين بيروت الرياض، قبل ان تتضامن بعض عواصم الخليج معها ولو بنحو متفاوت بين الإعتراض الجزئي وادانة مضمون تصريحات قرداحي من جهة. وذهاب آخرين الى مرحلة استدعاء سفرائها من بيروت وطَرد نظرائهم اللبنانيين من عواصمهم من جهة أخرى.

وفي مقابل هذه النظرية المبسّطة – إن كان اصحابها يعتقدون ان الازمة عابرة – هناك من يقول العكس، فما حصل لا يمكن تجاوزه بهذه «الخفة». فالخطوة متأخرة ولم تعد كافية بعدما كانت مطلوبة لفترة محدودة منذ اللحظة الاولى للأزمة. اما وقد تطورت المواقف وتلاحقت الخطوات السلبية، فزادت اجواء التحدي من حجم المطالب الخليجية ولم تعد الاستقالة ثمناً لأيّ تبديل محتمل في الموقف السعودي، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان عندما قال: «ان المشكلة لا تقف عند تصريح وزير بمقدار ما شكلت اعتراضا على سيطرة «حزب الله» على السلطة في لبنان وتمنع اللبنانيين عن القيام بما يلجمها او يحد منها».

وعليه، كانت المراجع الديبلوماسية ترصد بدقة مفاعيل تأخر لبنان في تلبية المطلب الخليجي، وهو ما زاد من الخطوات السلبية التي تلاحقت في ساعات قليلة. وهكذا وصلت العقوبات الى مرحلة المقاطعة السعودية الشاملة للمنتوجات الزراعية والصناعية اللبنانية ووقف خطوط البريد السريع بطريقة مباشرة بين بيروت والرياض ونقل الاطقم الديبلوماسية كاملة من بعض سفارات الخليج من بيروت، وهو ما أدى الى ارتفاع منسوب التوتر بين هذه الدول وبعض القيادات اللبنانية المنضوية تحت لواء الممانعة. وقللوا من أهمية الموقف الخليجي وردّوا الخطوة إلى ما سَمّوه الفشل في وقف هجمات الحوثيين في اليمن وعدم صد الهجمات الصاروخية في اتجاه العمق السعودي، وانحسار نفوذهم في عدد من دول المنطقة على وقع فشل المشروع الاميركي بعد الانسحاب «المذلّ» وغير «المنظّم» من أفغانستان والحديث المتنامي عن انسحاب قريب من العراق وأجزاء من سوريا.

ولذلك، تعترف الأوساط السياسية والديبلوماسية التي تؤيد هذه النظرية، بأن النظرة «السوريالية» التي أسبغها خصوم السعودية على مفهوم استقالة قرداحي لم تكن منطقية ولا واقعية، فاعتبارها انها مناسبة لطلب قرداحي الضمانات التي تحدث عنها من منصة بكركي عُدّت «سخيفة» وتنم عن «عجرفة» غير «واقعية» وهو ما عبّرت عنه قيادات سياسية وروحية عالية المستوى، وعدتها محاولة لتصعيد الموقف بدلاً من تسهيل الخطوات التي يمكن ان تعيد ترميم ما انكسر مع الخليجيين. فالمواجهة القائمة بين لبنان من جهة ودول مجلس التعاون غير متكافئة تحت اي بند او فصل من فصولها، وشتّان بين القدرات السعودية وانعكاسات إجراءاتها على الوضع في لبنان وما يمتلكه من مقومات الصمود تجاه نتائجها السلبية والخطيرة.

وعليه، فإن اعتبار قرداحي الاستقالة مناسبة للتثبت من نية المملكة بالعودة عن «الطحشة» التي بدأتها قد سقطت بسرعة بعدما ظهر انها جدية وانّ ما أعاقها رفض «حزب الله» وحلفائه لها بعدما كان فرنجية قد سمح بها شرط أن لا تصب في مصلحة بعبدا، فيعتبرها رئيس الجمهورية ميشال عون انتصارا له الى ان تطورت الامور ووصلت الى مرحلة وضعها في سلة ماكرون من دون غيرها من السلال اللبنانية.

وبعيداً من كثير من التفاصيل، فقد عدّت الاستقالة في توقيتها وشكلها ومضمونها خطوة إلى الوراء أقدمَ عليها «محور الممانعة» نتيجة المصاعب التي واجهته في اليمن بعدما تأخرت سيناريوهات الحسم في مأرب التي قد تشهد انقلاباً في الصورة بطريقة عكسية لمصلحة قوى التحالف مع الشرعية في مواجهتها مع الحوثيين، وبعدما اصطدمت الطموحات الايرانية في فيينا بالشروط الاميركية وتلك التي فرضتها مجموعة الـ (5+1) الى درجة هَدّدت بوقفها قبل يومين وكاد الوفد الايراني ان يعود الى بلاده. وان اضيفت معطيات أُخرى يمكن القول ان الفشل الذي منيت به فصائل الممانعة في انتخابات العراق النيابية لجمت كثيراً من طموحات طهران التي باتت تحلم بحكومة وفاق وطني يعيدها الى جزء ولو محدود من السلطة. كما ان التقارب الاماراتي ـ السوري اقلقها لأنه قد يكون على حسابها. ولذلك لم تبق سوى ورقة لبنان في يد طهران، فقدمت هذه الخطوة عربون حسن نية لفرنسا بدلاً من ان تقدمها الى اللبنانيين أنفسهم او الى مجموعة المفاوضين في فيينا.

وبناء على كل ما تقدم، لا بد من الإشارة إلى ان في نية ماكرون الصادقة، ان يحقق خطوة ما تجاه الازمة اللبنانية، وهو يدرك سلفاً حجم العقبات امامه ولكنه يخوض تجربة دقيقة جداً فهو يحاول التسلل الى المنطقة الخليجية التي غاب عنها الاميركيون بفعل التقلبات في علاقات واشنطن بالرياض والازمات البينية الخليجية للنفاذ بسلسلة من الصفقات التي ظهرت أولاها في صفقة الطائرات الحربية مع الإمارات. والى هذه الخطوة المهمة سعى ماكرون الى ضَم قرداحي الى الوفد الفرنسي لعله يحقق خرقاً ما، فإن لم ينجح في تحقيق العودة عن الإجراءات السعودية قد ينجح بالتأكيد في لجم تطورها نحو الأسوأ، فأي خطوة ايجابية قبل الانتخابات النيابية ستبقى حلماً لبنانياً وفرنسياً.

 

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قرداحي في وفد ماكرون إلى الخليج قرداحي في وفد ماكرون إلى الخليج



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 17:18 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بايدن يعتزم فرض عقوبات إضافية على روسيا قبل مغادرة منصبه
 العرب اليوم - بايدن يعتزم فرض عقوبات إضافية على روسيا قبل مغادرة منصبه

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
 العرب اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 05:56 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

تدمير التاريخ

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 17:44 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يحاول استعادة بلدات في حماة

GMT 06:19 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

اللا نصر واللا هزيمة فى حرب لبنان!

GMT 02:32 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا تعلن عن طرح عملة جديدة يبدأ التداول بها في 2025

GMT 08:33 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

حذف حساب الفنانة أنغام من منصة أنغامي

GMT 20:57 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله بن زايد يؤكد موقف الإمارات الداعم لسوريا

GMT 07:30 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ميركل تكشف السر وراء صورتها الشهيرة مع بوتين والكلب الأسود

GMT 18:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن زايد ومحمد بن سلمان يبحثان العلاقات الأخوية

GMT 06:25 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الروس قادمون حقاً
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab