الحريّة بَلْبَلت جواد سليم

الحريّة بَلْبَلت جواد سليم

الحريّة بَلْبَلت جواد سليم

 العرب اليوم -

الحريّة بَلْبَلت جواد سليم

بقلم : إنعام كجه جي

 

تبادل العراقيون، الشهر الماضي، صوراً لتمثال محطّم ملقى على الأرض، قيل إنَّه للفنان جواد سليم. وجواد هو رائد فن النحت في العراق الحديث. ترك لنا جدارية صارت رمزاً لبغداد. نصب الحريّة. أزيح الستار عنها في مثل هذه الأيام من يوليو (تموز) قبل 63 عاماً. وتموز الذي «يغلي فيه الماء في الكوز» هو شهر الثورات للعراقيين. شعب يغلي دمُه حين يُساء إلى رمز من رموزه الثقافية. وحين تمعن النوازعُ الطائفيةُ في التخريب فإنَّ الأمل يبقى معلقاً بأهداب الإبداع. لن يجمعنا سوى القصيدة والأغنية واللوحة والآثار الخالدة.

تروي الرسامة البريطانية لورنا هيلز، زوجة جواد سليم ووالدة ابنتيه مريم وزينب، أنها في تموز 1958 كانت تمضي إجازة هادئة مع طفلتيها في ويلز، صحبة والديها، بينما بقي زوجها في بغداد لارتباطه بأعمال مختلفة. وصباح الخامس عشر من ذلك الشهر نزل أبوها لشراء الصحف وعاد مسرعاً ليقول: «لقد قتلوا مَلِكَكم». أمضت الأسرة ما تبقى من العطلة في متابعة الأخبار الآتية من بغداد. إلى أن جاءت برقية من جواد يطمئنها إلى أنه بخير.

بعد عودتها تلقى جواد طلباً، عن طريق صديقه المعمار رفعة الجادرجي، لعمل منحوتة كبيرة عن الثورة التي قلبت نظام الحكم الملكيّ إلى جمهوريّ. كان عليه أن يُنجز تصميماً مُصغّراً للعمل، وأن يسافر إلى فلورنسا في إيطاليا لاستكمال المنحوتات وصبّها في قوالب من البرونز. أرادوها جاهزةً في العيد الأول للثورة. مهلة وجيزة ومهمة مستحيلة. خصصوا له ثلاثة آلاف دينار. والسفارة في روما تطالبه بقوائم الصرف وهو فنان لا يفقه في الحسابات. زاد عليه الضغط فانفلتت أعصابه.

كان يتوتّر ويمضي الليالي يذرع الشقة ذهاباً وإياباً، يتخيّل أن هناك من يراقبه ويتآمر عليه لمنعه من إنجاز النصب. بل إن هناك من يُدبّر لاغتياله. وقد اضطرت زوجته إلى نقله إلى المستشفى. قدموا له العلاج وتعافى بعد أسبوع. لكنها فوجئت بأنهم يرفضون إطلاق سراحه. يمنع القانون الإيطاليّ نزلاء المصحات النفسية من المغادرة قبل مرور ثلاثة أشهر على دخولهم.

في مثل ذلك المخاض ولدت المنحوتات الأربع عشرة المعلّقة على الجدارية الشهيرة في ساحة التحرير. وفي تموز 1961، جرى افتتاح النصب دون أن يكون صاحبه بين المحتفلين. أزمة قلبية أسكتت نبض جواد وهو بحدود الأربعين. وذهبت لورنا للوقوف، مرتعشة خاشعة، أمام نصب الحريّة. تتأمل الصرح البديع بعينيها وبعيني جواد.

ثم جاء يوم رهيب وقفت فيه دبابة أميركية تحت نصب الحرية. ويدور بين حين وآخر كلام عن محاولات لهدمه والعبث به. ماذا يقلقهم فيه؟ يقول شاعرنا بدر شاكر السيّاب:

ونحنُ في بغدادَ من طينِ... يَعْجنهُ الخزّافُ تمثالا... دنيا كأحلامِ المجانينِ... ونحنُ ألوانٌ على لُجّها المُرتجّ ... أشلاءً وأوصالا.

arabstoday

GMT 17:42 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

سر الرواس

GMT 17:40 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

حلّ «إخوان الأردن»... بين السياسة والفكر

GMT 17:38 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

دارفور وعرب الشتات وأحاديث الانفصال

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 17:35 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بعثة الملكة حتشبسوت إلى بونت... عودة أخرى

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 17:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

الهادئ كولر والموسيقار يوروتشيتش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحريّة بَلْبَلت جواد سليم الحريّة بَلْبَلت جواد سليم



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 12:43 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

السودان .. وغزة!

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

عودة النّزاع على سلاح “الحزب”!

GMT 11:38 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ماذا تفعل لو كنت جوزف عون؟

GMT 15:55 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال عنيف يضرب إسطنبول بقوه 6.2 درجة

GMT 02:27 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الأربعاء 23 إبريل / نيسان 2025

GMT 11:52 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

ثمة ما يتحرّك في العراق..

GMT 15:56 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب ولاية جوجارات الهندية

GMT 15:51 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

وفاة الإعلامى السورى صبحى عطرى

GMT 15:48 2025 الأربعاء ,23 إبريل / نيسان

"بتكوين" تقفز لأعلى مستوى فى 7 أسابيع

GMT 03:26 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

غارات أميركية تستهدف صنعاء وصعدة

GMT 03:29 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الخميس 24 إبريل / نيسان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab