مرض باريس

مرض باريس

مرض باريس

 العرب اليوم -

مرض باريس

بقلم - إنعام كجه جي

كثيراً ما سمعنا من يشبّه المدن بالنساء. وللمرة الأولى نقرأ عن اقتران بعض المدن بالأمراض النفسية. فقد اكتشف العلماء أعراضاً لنوع من هذه العلل السلوكية يسمونه مرض باريس. أتكون العاصمة الفرنسية داءً أم دواءً وحلماً عابراً للأزمنة؟

جاء في التقرير أن هذه الأعراض تصيب بشكل أبرز السياح اليابانيين. إنهم يشعرون بالضياع والارتباك وحتى بالصدمة ما بين الصورة التي يحملونها في خيالهم عن مدينة النور وبين واقعها الراهن. يهبطون في مطار «شارل ديغول» الشاسع المُشتّت ويتوقعون سماع إديث بياف من مكبرات الصوت أو ميراي ماتيو. ينتظرون رؤية مرابع مونبارناس كما هي عليه في فترة الثلاثينات البهية، أي ما يُسمّى «السنوات المجنونة». كانت أوروبا خارجة من حرب عالمية طاحنة، ترمّم مبانيها وتداوي جراحها وتنطلق لتستعيد مباهج العيش. وباريس اللعوب قبلة العالم. فتحت ذراعيها للحركات الفنية المستحدثة ولمئات الموهوبين الممسوسين الذين قصدوها من الشرق والغرب. رسامون وفلاسفة وشعراء وراقصات وسفراء وجواسيس.

أين ذلك من هذا؟ تفرّجت شابات يابانيات على فيلم «المصير المدهش لإميلي بولان» وتصوّرت الواحدة منهن أنها ستتسكع في شوارع تسكنها الخيالات والحوريات. سترى جدراناً مرسومة بالحب ومطرّزة بالشعر. وقد تلتقي بفارس وسيم يحدّثها بلغة موسيقية «غاغائية» لا تفقه منها حرفاً. ثم تفتح البنت ذات الجفنين المسحوبين عينيها على هوّة ثقافية بين السينما والحقيقة. هناك فرق بين ما رأته على الشاشة في فيلم وودي ألن «منتصف الليل في باريس» وبين نهار غائم في مدينة ذات هواء ملوّث، تعيش فوضى المرور وتتكدس في أزقتها علب المشروبات وأعقاب السجائر. عاصمة تفوح من زواياها نتانة المحصورين الخارجين من البارات في أخريات الليالي.

وأعراض هذا المرض ليست جديدة. انتبه لها البروفسور هيرواكي أوتا في عام 1986 حين كان يعمل في مستشفى «سانت آن» للأمراض العصبية في باريس. وهو قد شخّص تلك الأعراض بشكل مستفيض. لكن اعتبار الحالة مرضاً لم يحصل إلا في عام 2004. جاء ذلك في مقال نشرته المجلة الفرنسية لأطباء النفس. ومن أعراضه الهذيان والخشية من اعتداءات محتملة وتصرفات عدوانية. ينفصل المريض عن الواقع وتهتز شخصيته. يقلق كثيراً ويعاني من تعرق شديد.

وضع يوسف محمودية، الطبيب في مستشفى «أوتيل ديو» في باريس، القواعد النظرية لأعراض الحالة. كتب أنها لا تتعلق بالسفر إنما بالمسافر. ووصفها بنوع من التحفّز الذي يصيب السائح حين يخطط لزيارة العاصمة الفرنسية، ثم يؤدي بعد انتهائها إلى هذيان ولهاث ثقيل ودوار مستمر. لكن أعراض باريس ليست فريدة بين هلوسات المدن. فقد سبقها تشخيص أعراض فلورنسا. وهي هياج روحيّ شديد يصيب زوار تلك المدينة الإيطالية حين يقفون مسحورين أمام ساحاتها الرخامية وروعة تماثيلها. وهناك أعراض مرض القدس التي شخّصها عالم النفس الإسرائيلي يئير بار إيل. وهو لاحظ أنها تظهر لدى الحجاج الغربيين الذين يقصدون المدينة المقدسة على أمل رؤية الآثار والشواهد المعمارية اليهودية والمسيحية. ثم يكتشفون مبانيَ ذات طابع بيزنطي وإسلامي عثماني.

هل تصيب باريس اليابانيين بالخَبَل؟ ليس تماماً. هذه حاضرة يزورها سنوياً ستة ملايين سائح منهم. لكن قلّة تعود منها مريضة. وتقول سفارة اليابان إن العدد لا يتجاوز العشرين. عشرون معتوهاً ومعتوهة امسحوهم في ذقن عمدة العاصمة مدام آن هيدالغو.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرض باريس مرض باريس



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة
 العرب اليوم - أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة

GMT 02:44 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
 العرب اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
 العرب اليوم - علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:03 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
 العرب اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 12:50 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

موسكو تدعو "حماس" إلى الإفراج "الفوري" عن مواطنين روسيين

GMT 12:48 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

انفجار قوي يهز العاصمة السورية دمشق ويجري التحقق من طبيعته

GMT 13:31 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب تطرح ميزة “مسودات الرسائل” الجديدة

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 20:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترمب يُعدّ قائمة بمسؤولين في البنتاغون لفصلهم

GMT 02:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

استشهاد أكثر من 40 شخصًا في غارات إسرائيلية على لبنان

GMT 10:37 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف 3 قواعد إسرائيلية برشقات صاروخية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab