موسم الكرز

موسم الكرز

موسم الكرز

 العرب اليوم -

موسم الكرز

بقلم : إنعام كجه جي

 

كان أهل الموصل يمتعضون حين يسمعون أن أهل البصرة يأكلون الروبيان. هو بالنسبة لهم نوع من الحشرات البحرية. والروبيان بلغة أهل الخليج هو القريدس بلغة الشوام، والجمبري بلغة المصاروة، و«الكروفيت» باللغة المفرنسة للمغاربيين. مثلما أن الطماطم هي طماطة في العراق، وبندورة في الشام، وقوطة في مصر، وماطيشة في المغرب. كل الطرق تؤدي إلى المعدة.

ولأن الشيء بالشيء يُذكر، كان الإنجليز يتندرون على الفرنسيين؛ لأنهم يأكلون الأشواك. والمقصود الأرضي شوكي، أي الخرشوف. تلك النبتة التي تشبه زهرة كبيرة خضراء ذات تويج سميك متعدد الطبقات، تُسلق وتُؤكل متبّلة بالخل والزيت والخردل.

تذكرت الحكاية؛ لأن صحيفة «لوموند» خصّصت للخرشوف مقالاً طويلاً في صفحة الاقتصاد. والسبب شكوى المزارعين المحليين من تراجع الإقبال عليه. وحسب المقال، فإن معدّل استهلاك الفرنسي منه 750 غراماً فحسب في السنة. لم يعد هناك من يطبخ الخرشوف غير كبار السن. يتنشّقون روائح الأيام الخوالي.

نحن في موسم الخرشوف. لكن حملات الترويج التي يقودها كبار الطهاة تركّز على تشجيع الفرنسيين على شراء أنواع أخرى ما كانوا يميلون إليها، مثل اليقطين والشمندر والبروكلي والبطاطا الحلوة. ترى الخرشوف يُباع بسعر متدنٍ، في حين فواكه عيد رأس السنة تقفز في العلالي، وأولاها الكرز. وصل سعر الكيلوغرام منه، في أسواق النخبة، إلى 40 يورو. وبلهجتنا نُسمّي البائع الذي يبالغ في الأسعار «مغلوانجي». اشتقاق بليغ يصعد وينزل ويتلولب بفضل مطواعية اللسان الشعبي.

لسنا في موسم الكرز. لكن الفواكه ما عادت تقيم وزناً لشتاء وصيف ما دامت تنمو في بيوت زجاجية أو تصل بالطائرات من أقصى بقاع الأرض. هل يمكن التطرّق إلى موسم الكرز دون استعادة تلك الأغنية الجميلة التي تحمل العنوان نفسه وتحفظها أجيال من الفرنسيين؟ مؤلفها هو جان باتيست كليمان وملحنها هو أنطوان رونار. ظهرت لأول مرة في 1868. فلما وقعت بعد عامين أحداث التمرد المعروفة بـ«كومونة باريس»، وجد المنتفضون في كلماتها تعبيراً عن مشاعرهم. 72 يوماً من تمرد أسال دماً كثيراً وانتهى مقموعاً. صارت «موسم الكرز» أشهر أغاني المقاومة. أهداها مؤلفها إلى ذكرى لويز، العاملة ذات العشرين ربيعاً التي تطوّعت لإسعاف المقاتلين. رفضت مغادرة الموقع المهدّد وقضت مع من قضى.

تناقل الأغنية مشاهير الفنانين: إيف مونتان، وليو فيري، وجولييت غريكو، وديميس روسوس، ونانا موسكوري، وأخيراً باربرا هندريكس التي أدّتها في حفل أُقيم بساحة الباستيل عند رحيل الرئيس الاشتراكي فرنسوا ميتران. أغنية عاطفية صارت نشيداً وطنياً، تتحدث عن «جراح مفتوحة»، و«ذكريات محفوظة في القلب» و«جميلات يحملن جنوناً في الرأس» و«عشاق يحفظون شمساً في القلب» و«كرز الحب الذي يتساقط قطرات دم». لكن موسم الكرز، يا قلبي، قصير.

هل يتمادى «المغلوانجي» في السعر؛ لأنه يتكئ مرتاحاً على كلمات الأغنية؟

arabstoday

GMT 19:26 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

مواعيد إغلاق المقاهى.. بلا تطبيق

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

المطلوب

GMT 19:24 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

البابا فرنسيس والسلام مع الإسلام

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

الإحساس في كلام عبّاس

GMT 19:23 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

خيار الفاتيكان القادم: الكرازة أم التعاليم؟

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

السوداني والإخوة الحائرون

GMT 19:21 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

... والجامعيون أيضاً أيها الرئيس!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسم الكرز موسم الكرز



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 04:47 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 25 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%

GMT 10:33 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab