السوربون في المحكمة

السوربون في المحكمة

السوربون في المحكمة

 العرب اليوم -

السوربون في المحكمة

بقلم - إنعام كجه جي

 

هل يمكننا أن نتخيل مدام ناتالي دراش، رئيسة جامعة السوربون الفرنسية، تقف في قفص الاتهام أمام قاضي الأمور المستعجلة في باريس؟

عميدة الجامعة العريقة متهمة في القضية بصفتها الوظيفية. أما المدعية فطالبة أنهت سنوات الليسانس من دون أن تنال الشهادة. كانت لأستاذها شكوك في استعانتها بالذكاء الاصطناعي لإعداد المادة المطلوبة. وبهذا فقد تقرر اعتبارها ساقطة في الامتحان، مؤقتاً، لغاية انتهاء لجنة الانضباط من التحقيق في الاختلاس الفكري.

والتحقيق لا يتم بغمضة عين ولا بد من أن يستوفي وقته. تأخرت الجامعة في تزويد الطالبة بما يفيد إنهاءها مرحلة الليسانس. لكن البنت تنوي التسجيل لدراسة الماستر، وفق مهلة محددة للتقديم. ذهبت إلى محامٍ لكي يرفع لها قضية في محكمة القضايا المستعجلة تطلب فيها من إدارة السوربون منحها قائمة علاماتها في غضون 48 ساعة.

خسرت الطالبة دعواها وردّ القاضي الطلب. خرجت الجامعة بريئة وراحت إدارتها تستعد للدورة الأولمبية التي تقام في العاصمة الفرنسية، الصيف المقبل. ما علاقة السوربون بالنطّ والجري والملاكمة ورفع الأثقال؟

عمر السوربون 825 عاماً. ويقولون لكَ ولكِ، يا محفوظي السلامة، إنها تراث حيّ ولها باع في الرياضة. فإلى جانب تماثيل أهل الفكر الموجودة في إرجائها، مثل هوميروس وأرخميدس، جرى في قاعتها الكبرى التصويت على تأسيس الألعاب الأولمبية الحديثة. كان ذلك عام 1894 بحضور ألفي مدعو من بلاد العالم. قبل ذلك بسنتين، احتضنت الجامعة المؤتمر الوطني الأول للتربية الجسمانية. وفيه تم إدراج الفعاليات الرياضية ضمن المناهج في مدارس الدولة الفرنسية.

استناداً إلى ذلك التراث، تم الإعلان عن مسار الشعلة الأولمبية من حرم السوربون. جامعة يعرفها العرب منذ أجيال. فيها درس المصري طه حسين والتونسي الحبيب بورقيبة واللبناني كمال جنبلاط والسوداني حسن الترابي وصولاً إلى الفلسطينية سها عرفات.

قامت السوربون في العصور الوسطى مقام محكمة دينية. حاربت الهرطقة وتيارات الإلحاد. أخذت اسمها من عالم اللاهوت الفرنسي روبير دو سوربون، مؤسس أولى كلياتها. ثم أعاد الكارينال دو ريشيليو بناءها وفق خريطة للمهندس لوميرسييه. تنتصب قبتها في قلب الحي اللاتيني. كان المنهاج يبدأ بمبادئ الفنون ونظريات الأدب. بعد ذلك يدرس الطلاب علم اللاهوت أو القانون أو الطب. يلتزم دارس الطب بالبقاء مع المريض المصاب بداء مستعصٍ، ليل نهار، لحين شفائه أو موته.

قامت السوربون على تقاليد الجدل الفكري، سواء بين الدارسين وبين المعلمين أو بين الطلبة أنفسهم. نقاشات باللاتينية، تعلو فيها الأصوات وتنتفخ الأوداج وتقارب المعارك. لكنها لم تكن جامعة شعبية مثلما هي اليوم، يأتيها طلاب من كل الجنسيات، بل جامعة النبلاء وأبنائهم. ثم امتدت أصابع الزمن إلى قوانينها. تخلت عن صرامتها وتحولت إلى مختبر مثالي للأفكار السياسية والتيارات الفلسفية ونداءات التحديث. منها انطلقت، في ربيع 1968، الثورة الطلابية التي هزت المجتمع الفرنسي وكانت سبباً في اعتزال الجنرال ديغول، بطل النصر.

وعودة إلى الطالبة التي اشتكت السوربون أمام القضاء. هل تعرف أن النساء كن، في البداية، محرومات من دخول الحرم الجامعي؟ لا طالبات ولا أستاذات. لم تقبلهن الجامعة لأن الهدف من تأسيسها كان إتاحة الفرصة للشبان الفقراء لكي يدرسوا العلوم الدينية ويصبحوا رهباناً. واحتاج الأمر إلى وساطة رفيعة لكي تقبل السوربون استقبال مدام بالانتين، أخت زوجة الملك لويس الرابع عشر. رغبت المدام في أن تحضر مناقشة أطروحة حفيدها، ابن ابنها المولود من علاقة محرمة. والمحرّم كسر الممنوع.

 

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السوربون في المحكمة السوربون في المحكمة



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة
 العرب اليوم - أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة

GMT 18:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية
 العرب اليوم - الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
 العرب اليوم - علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:03 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
 العرب اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام

GMT 14:15 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد أمين يعود بالكوميديا في رمضان 2025

GMT 14:12 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

هند صبري تكشف سر نجاحها بعيداً عن منافسة النجوم

GMT 07:39 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات إسرائيلية تقتل 20 فلسطينياً في وسط وجنوب قطاع غزة

GMT 18:37 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت التعليق على الطعام غير الجيد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab