بيت علي الوردي

بيت علي الوردي

بيت علي الوردي

 العرب اليوم -

بيت علي الوردي

إنعام كجه جي
بقلم -إنعام كجه جي

كان صوتها متهدجاً وحرقتها موجعة وهي تطالب باستعادة منزل عائلتِها. منزل عتيق في كاظمية بغداد استولى عليه أحد معدومِي الضمير. سمعَ التسجيلَ آلافُ العراقيين من التلفزيون، ثم انتشر في كل وسائل التواصل. قالت السيدة السبعينية إنَّ الأسرةَ التجأت إلى القضاء وحصلت على أحكام بالإخلاء من المحكمة، لكن شاغل البيت يرفض الخروج منه. إنه يستقوي بعشيرته. وهي لا عشيرة لها تستقوي بها. فقد تعلَّمت من والدها أنَّ المواطنين سواسية أمام القانون. من هو والدها؟ إنه طيّب الذكر الدكتور علي الوردي، عبقري علم الاجتماع في العراق، وصاحب كتاب «وعّاظ السلاطين».

إنَّ الحصول على الحق مكانه المحاكم، لا جلسات الشيوخ. وبما أنها غابة يحكمها الأقوى فقد التمست ابنة علي الوردي من أهل الحكم أن يتدخلوا لتنفيذ القانون وإعادة البيت للعائلة. وهي لا تنوي السكن فيه، بل تحويله إلى متحف لآثار الوالد وكتبه ومقتنياته. عاش أبوها ومات وهو يدافع عن آراء خرقت الأفكار البالية التي حكمت مجتمعه.

بعد فضيحة التسجيل الذي سرى سريان النار في الهشيم، انتخى وزير الداخلية وأرسل قوة من الشرطة لطرد الشخص المتجاوز من المكان، ووضع حراسة على البيت تمهيداً لتسليمه إلى أصحابه الشرعيين. يبقى أن هناك آلاف المنازل، التي استولى عليها أصحاب الأذرع الطويلة، وتركوا أصحابها يعيشون بحسراتهم. كثيرون يخافون الذهاب إلى المحاكم أمام التهديد بالقتل. يقولون له: بلّ قرار القاضي واشربه.

آمن علي الوردي بالعلم وبأن الأفكار تتطور كالأسلحة. والذي يتمسك برأيه هو كمن يحمل سيف عنترة بن شداد في مواجهة مسدس سريع الطلقات. كان جده يشتغل في تقطير الورد، وهو قد عمل في طفولته صبياً لعطّار مقابل خمس روبيات في الشهر. درس في مدرسة مسائية وجاء ترتيبه الأول على العراق في الثانوية. حصل على بعثة للدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت ثم نال الدكتوراه من جامعة تكساس في الولايات المتحدة. كان واضحاً في عرض أفكاره. أدرك أن تجديد الفكر لا يعني التشدق بالمصطلحات الحديثة، بل بتغيير شامل في المقاييس الذهنية للأفكار. لكن الإنسان قد يفشل في بحثه عن الحقيقة، ويكون مضطراً لأن يخلق بأوهامه حقيقة خاصة به تعينه على حل مشكلات الحياة. كتب: «أن تطلب من الظالم أن يكون عادلاً كطلبك من المجنون أن يكون عاقلاً».

يذكر أبناء جيلي الدكتور علي الوردي وهو يتوجّه متمهلاً، محنيّ الظهر، إلى قاعة الدرس في كلية التربية في الوزيرية، يرتدي معطفاً أسود ويعتمر سدارة فيصلية. يقول للطلاب والطالبات إنّ العقل سلاح ذو حدّين. وما نقول عنه اليوم إنَّه غير معقول، قد يصبح معقولاً غداً. ومن يعتقد أنه عاقل في كل حين هو مجنون دائماً.

أفكار واضحة كانت ثورية في حينها، وما زالت. عاش الوردي مسالماً لكنه عانى من التضييق. إن قنبلته في رأسه. خاف من بطش المتحجرين من سدنة العقائد ومن حكام يحتكرون فضاء الفكر. مُنع من السفر لتلبية دعوة من جامعة أوروبية فغضب وأوصى بأنه لا يريد بعد وفاته جنازة يحضرها الرسميون. وهكذا كان. مات في يوم حار من صيف 1995 ولم يشيّعه سوى المقربين.

زاره صديقه الدكتور قاسم حسين صالح في بيته، حين كان مريضاً وكانت الزيارة الأخيرة. قال وهو يحدس أنها النهاية: «أتدري ماذا يعوزني الآن؟ إيمان العجائز».

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيت علي الوردي بيت علي الوردي



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة
 العرب اليوم - أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة

GMT 18:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية
 العرب اليوم - الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية

GMT 12:03 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
 العرب اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab