ولد لنا شاعر

ولد لنا شاعر

ولد لنا شاعر

 العرب اليوم -

ولد لنا شاعر

إنعام كجه جي
بقلم - إنعام كجه جي

«إن الشِّعْرَ يُولَدُ في العراقِ. فكُنْ عراقيّاً لتصبح شاعراً يا صاحبي»!

قالَها محمود درويش وتذكرتُها وأنا أستمعُ إلى زين العابدين المرشدي يلقي نصَّه الساحرَ في مسابقة «أقرأ» في الظهران؟ كانت القاعةُ شديدةَ التبريد، لم يخفف من صقيعِها سوى الدفءِ الذي جاء به ذلك الولد من مدينة السماوةِ في العراق. كنَّا في الحفل الختامي للمسابقة التي ينظمها مركز «إثراء القراءة». وقد لفتَ عريفُ الحفلِ انتباهَنا إلى أنَّها ليست «إقرأ» بالهمزة تحت الألفِ، بل هي بصيغةِ المتكلم، بالهمزة فوقَ الألفِ، لأنَّ المطالعةَ وليدةُ الرغبةِ ولا تكون بالأمر. الأمرُ يجوز للربّ الأكرم وحدَه الذي علّم الإنسانَ ما لا يعلم. والفعلُ ثلاثي في الواقع من قرأ، وإذا كانَ للأمر فلا همزةَ فيه أصلاً.

تكافئ الجائزةُ المتسابقَ الأكثرَ انتظاماً في المطالعة. يقرأ وينشر حصيلةَ قراءاته على وسائل التواصل. شارك فيها مائةٌ وخمسون ألفاً من أبناء العرب وبناتهم. بَقِيَ ثلثُهم بعد التصفية الأولى. ثم بلغَ المرحلةَ النهائية منهم ثمانية وعشرون شاباً تمَّت دعوتُهم إلى السعودية. أقاموا أسبوعين وحضروا ورشاتٍ في الكتابة والتقوا مع كتّاب محليين وعالميين. وفي النهاية لم يبقَ سوى عشرة. ثم خمسة. قارئتان وثلاثة قراء. وكان زينُ العابدين واحداً منهم.

وقفَ زينُ العابدين أمامَ قاعة من ثلاثة طوابق مكتظة بالجمهور. شخصيات رسمية وأدباء معروفون يتقدَّمهم الشاعر أدونيس. قرأ الولدُ الريفيُّ الأسمرُ نصاً طويلاً فيه من الجمال ما يأخذ سامعَه إلى مناطق رائقة. تحدّث بالنثر حيناً وبشعر التفعيلةِ أحياناً. استعارَ لسانَ هابيل وهو يعاتب، عتاباً متأخراً، أخاه وقاتلَه قابيل. خطاب كأنَّه الصوتُ الحيي إنَّما الهادر للعراق الذي اشتدت عليه الطعنات:

«هل تذكر حين نلقي أحجاراً إلى الأعلى كي نُسقطَ النجومَ إلى بيتنا؟ حسبي من الأشياء ما زاحمني في دربي. ما زلت الراعي، أقصى ما أحمله ثوبي. ولقد أزدادُ غنى فأقول: عصاي وثوبي. يكفيني أن أصدر أصواتاً في الرعيِ لتجتمع الأغنامُ عليَّ مُريدين. وأقصى ما أطمحُ من نصرٍ لي لو إني أرجعتُ الغنمَ، الليلَ، من المرعى. فبماذا تطمع يا قابيل؟ أتطمع بالعِقدِ؟ فلتأخذه ودعني! حسبي ما التفَّ على جيدي من نسماتٍ في البردِ».

صفّق الحضور للشاعر الجميل. وصفَّقوا ثانية عندما منحته لجنة التحكيم الجائزة الأولى ولقب قارئ العام. هل أكونُ متسرعةً في التفاؤل إذا قلت إنّني هجست في موهبته سيّاباً جديداً طالعاً، لا من البصرة هذه المرة، بل من السماوة؟ جاءَ عن ابن رشيق أنَّ قبائلَ العرب كانت تبتهج إذا ظهر فيها شاعر. تأتيها القبائل الأخرى للتهنئة. «وكانوا لا يهنئون إلا بغلام يولد، أو بشاعر ينبغُ فيهم».

في الصباح التالي رأيت الفائزَ في بهو الفندق. نعسان أمضى ليلتَه يطالع التهاني الكثيرة على هاتفه. قال إنَّه اتَّصل بوالدته لكي يبشّرَها بالخبر السعيد، وفوجئ أنها تابعت الحفلَ من التلفزيون وهلهلت. ربَّت مع أبيه سبعةَ أبناء ورعت هواياتهم.

ما هي هواياتُك يا زين؟ يجيب أنَّه يدرس هندسة الطاقة في الجامعة ولا هواية له غير الشعر. يمضي إلى البوادي والحقول ويكتب الشعر. يحضر الملتقيات ويقرأ الشعر. ينام ويحلم شعراً. وله ديوان ينتظر الطبع. يذهب إلى بغداد ويقتني الكتب من شارع المتنبي. يرسل نصوصاً إلى صحيفة «اليمامة» لكي ينفق على هوايته. يحب سعدي يوسف وأمل دنقل. ماذا عن الجواهري؟ ذاك تحصيل حاصل.

يسألني على استحياءٍ عن المغني داخل حسن، هل صحيح أنَّني من أعدَّ المقابلة التلفزيونية معه في السبعينات؟ أجيب: نعم فيمدُّ أناملَ نحيلة يمسح على ثوبي. يتبرَّك بذكرى مطرب ريفيّ مواويلُه تشرح الصدور.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ولد لنا شاعر ولد لنا شاعر



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة
 العرب اليوم - أفكار مختلفة لجعل غرفة المعيشة مميَّزة وأكثر راحة

GMT 18:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية
 العرب اليوم - الجيش اللبناني يعلن مقتل جنديين في ضربة إسرائيلية

GMT 12:03 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
 العرب اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 01:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العنف فى المدارس !

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:31 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

3 خطوات سهلة لتخفيف التوتر وزيادة السعادة في 10 دقائق فقط

GMT 02:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 08:22 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل جندي إسرائيلي من لواء كفير برصاص قناص شمال قطاع غزة

GMT 07:19 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 4.7 درجات يضرب أفغانستان في ساعة مبكرة من اليوم

GMT 13:00 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

مستوطنون يحتلون مسجداً ويبثون منه أغنيات عبرية

GMT 06:09 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يحذّر من حقبة "تغيير سياسي كبير" بعد فوز ترامب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تستدعي 2400 شاحنة من "Cybertruck" بسبب مشاكل تقنية

GMT 22:39 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

سقوط قنبلتين ضوئيتين في ساحة منزل نتنياهو

GMT 16:54 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab