ريما ناصر ترزي

ريما ناصر ترزي

ريما ناصر ترزي

 العرب اليوم -

ريما ناصر ترزي

بقلم - إنعام كجه جي

لو كان لأمة أن تندسّ في الأنامل لقلت إن فلسطين تسكن تحت جلد العازفة ريما ناصر ترزي. سيدة تختصر سمات شعب: الثقافة والموهبة والاجتهاد والعناد. وها هم محبوها يحتفلون ببلوغها التسعين ربيعاً. ذلك أنها امرأة ربيعية مشرقة في ابتسامتها وألوان ثيابها وتوثب روحها. يكفي أن تجلس إلى البيانو فينهض تاريخ راسخ من الأصالة عصيّ على المحو.
كنت أحضر ملتقى فلسطين للرواية حين دعتني نسيبتها تانيا ناصر لشرب الشاي. قالت إن هناك من سيمرّ عليّ في الفندق وينقلني من رام الله إلى بيتهم في بيرزيت. ولم أتوقع أن مرافقتي ستكون السيدة الكبيرة سناً ومقاماً ريما ترزي. إن الطريق بين المدينتين شمرة عصا. لكن سلطة الاحتلال تفرض إغلاقات والتفافات تطيل المسافة. وحين وصلنا وجدتني أدلف منزلاً عتيقاً تفوق أحجاره عمر الاحتلال بعشرات السنين. كل شجرة معمرة من أشجار الباحة تقف شاهداً ينطق بالحق السليب. يااااه، كم تبدو صفة «فلسطين السليبة» بعيدة وخارج التداول!

شربنا الشاي في طقم من البورسلين الرقيق المتوارث ثم جلست الست ريما لتعزف على البيانو. تصطف أمامها على السطح الأسود براويز لصور العائلة بكل أجيالها. وعلى الجدار لوحة للجد الأكبر. ووقفت تانيا ناصر لترافق العزف بصوتها الأوبرالي: «لأني ولدت فلسطينياً... لأن جذوري في عمق الدهور... لأني ولدت عربياً وإني في القدس من فجر العصور... اسمي في كل حي اسمي في كل دار». لم أصدّق أن كل تلك الحفلة الموسيقية الباذخة كانت لي.
ولدت ريما ناصر في يافا ونشأت في بيرزيت. فيها تلقّت درسها الموسيقيّ الأول. آمن أبوها وعماتها الثماني بالتعليم. بترول فلسطين. أسست عمتها نبيهة مدرسة بيرزيت التي تطورت إلى كلية ثم إلى جامعة هي اليوم من أفضل المؤسسات التعليمية العربية. كانت العائلات تحرص على تعليم بناتها التطريز والعزف على البيانو واللغة الفرنسية لكي يصبحن زوجات صالحات وسيدات مجتمع. لكن الاحتلال أربك الترتيب وخلق منهن مناضلات.
درست البنت اليافعة في كلية بيرزيت ثم حصلت على إجازة في الفنون من كلية بيروت للبنات. سافرت إلى باريس لدراسة الموسيقى وأكملت دراستها في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1952. تخرجت في اللغة العربية وعلم النفس. كانت شعلة من نشاط ورئيسة لمنظمة الطالبات. تعزف وتلحّن وتكتب وتناضل وتحصل على وسام الشعلة. عادت للتدريس سنتين في بيرزيت قبل أن يأتي النصيب. تزوجت الطبيب أنطون ترزي ورافقته إلى كندا ليكمل تخصصه. ومرة أخرى تعود لتستقر في رام الله منذ 1960 وتنشط في كل جمعياتها الثقافية والنسائية، خصوصاً بعد النكسة. مقاتلة سلاحها البيانو.
كانت تربي أبناءها وتحنو على أحفادها وهي تنشط في رئاسة الهيئة الاستشارية للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية. دأبت على تعليم العزف لأطفال جمعية إنعاش الأسرة. كتبت ولحنت عشرات الأناشيد، منها واحد إلى أسرى سجن نفحة الصحراوي. ونشرت ثمانية مجلدات تحت اسم «أغاني الحرية والأمل». ولعل أجمل إنجازاتها تأسيس المعهد الوطني للموسيقى الذي بات يحمل اسم المفكر إدوارد سعيد.
تقول الدعوة التي حطت في بريدي إن احتفالية تكريم ريما ناصر ترزي ستبثّ «أثيرياً» من دارة فلسطين في كامبريدج، احتفاء بسيرتها الموسيقية والتربوية والنضالية المعطاء عبر تسعة عقود لفلسطين وشعبها. كل ما في هذه السيدة بهيج وشفاف وأثيريّ.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ريما ناصر ترزي ريما ناصر ترزي



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab