كتاب ميّ مظفّر

كتاب ميّ مظفّر

كتاب ميّ مظفّر

 العرب اليوم -

كتاب ميّ مظفّر

بقلم - إنعام كجه جي

هذا ليس كتاباً عن الفنان التشكيلي رافع الناصري. وهو ليس سيرة حياة لمؤلفته الأديبة والناقدة العراقية مي مظفر. إنه في الأساس سفر في الحب. تأخرتُ أشهراً عن مطالعته، وأعرف الآن أنه سيبقى قرب الوسادة، أعود إليه كلما احتاجت الروح رذاذاً أو ندى.
أي عشق هذا الذي يجعل امرأة تحفظ، باليوم وبالدقيقة، تفاصيل اللحظات التي جمعتها برجل مبدع عصيّ على الاحتواء! أربعون عاماً هي سيرة مجتمع بغداديّ في فترة مشرقة من تاريخه القريب. عاصمة احتضنت سعفات نخيلها أعشاش الحب في أجواء من تفتح وصفاء.
اختارت مي مظفر لكتابها عنوان «سيرة الماء والنار». رحلة شائقة وغنية عن زوجين اجتمع تحت سقفهما المزاج الملتهب مع الروح السلسبيل. نوع من السيرة العاطفية يندر تدوينه في مجتمعنا، وبقلم امرأة. توثيق يقترب في حميميته من كتاب «جدار بين ظلمتين» للزوجين بلقيس شرارة ورفعة الجادرجي، مع الفارق في الموضوع.
أتاحت ظروف البلد لكل من رافع وميّ فرصاً لاكتساب ثقافة عصرية. تعارفا في أجواء بغدادية محافظة دونما صرامة. اتقدت الشرارة وبدأت لعبة كرّ وفرّ ستستمر سنتين. كان ذلك في خريف 1971. «التقينا في جمعية الفنانين. كانت ملتقى يجتمع فيه الأدباء والفنانون والمعماريون والموسيقيون في فضاء ثقافي أمثل. وارتحت لهذه المجموعة بعد أن لمست من أعضائها سلوكاً اجتماعياً مريحاً. لم يكن من اليسير إيجاد مثيل لها في محفل الأدباء، آنذاك».
تطلّع رافع إلى ميّ من بعيد، ثم غيّر مكانه ليجلس بجانبها. كان المحيطون بهما يتبادلون أحاديث عامة يتخللها الضحك والهزل. مال نحوها وهمس: «سئمت هذا المجلس. هل يمكن أن نذهب إلى مكان آخر نستطيع أن نتحدث فيه براحة؟».
أخذها بسيارته الأوبل القديمة ولم تسأل أين سيذهبان. تدري بقلة الأماكن التي يمكنها التردد عليها برفقة شاب غريب. جلسا في حديقة مطعم صيفيّ واستأذنها في أن يشرب البيرة. شعرت بالاطمئنان لحديثه وسلوكه الهادئ معها. كان ذلك أول خروج جريء لها عن الحذر الذي يقيدها.
نبرة الصدق هي المعيار في هذا النوع من الكتب. إما الالتزام بالوقائع أو السقوط في التجميل والمجاملات. والأدهى حجب حقيقة المشاعر بدافع الخفر أو الكبرياء.
أدركت ميّ، منذ تعرفها على رافع، أنها أمام فنان ينقاد وراء ما هو جميل، أو جميلة. كانت قد سمعت عن معرضه المدهش الذي أقامه في بيروت ووصلتها أخبار مغامراته في عاصمة الجمال والحرية. تعددت لقاءاتهما وهو متمسك بحريته يهاب الارتباط.
قال لها إنها ستتعذب معه. «سأؤذيكِ بقدر ما أؤذي نفسي». وكانت تتلقى ما يقول باضطراب حيناً وباللامبالاة أحياناً. تلمحه في سيارة مع فنانة لبنانية جميلة وهو يحيطها بذراعه. بدا الطريق أمامها وعراً لكنها قررت المضيّ فيه.
سيقرأ الكتاب شابات وشبان أوائل السبعينات البغدادية، وسيجدون فيه ملامح من قصص حبهم. لم تكن الحروب قد باشرت سحق الآمال. لكن رافع بقي متردداً، وميّ محرجة أمام تساؤلات والدتها.
انقطعت عن لقائه وسعت للابتعاد. غيمة صيف كان لا بد وأن تزول. وفي خريف 1973 عقدا قرانهما. والخريف موسمهما. ترافقا في الأسفار شرقاً وغرباً. كانت الرفيقة الأمينة التي واكبت مسيرة واحد من كبار فناني «الغرافيك». ثم حلّ به المرض، مفرّق اللذات. بدأت رحلة العلاج الممض وجلسات الكيماوي. وفي محاضرة له في جامعة غرناطة، توقف رافع واستأذن الحاضرين ليأخذ أقراص دوائه: «اسمحوا لي الآن أن أبتلع خمسين دولاراً». انطفأ رافع الناصري وبقيت ميّ راهبة في محراب ذكراه.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كتاب ميّ مظفّر كتاب ميّ مظفّر



نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 17:37 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

أقصر الطرق إلى الانتحار الجماعي!

GMT 04:47 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 25 إبريل / نيسان 2025

GMT 17:02 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

صعود طفيف لأسعار النفط بعد انخفاض 2%

GMT 10:33 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

نانسي عجرم تتألق بالأسود اللامع من جديد

GMT 17:34 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

بقايا «حزب الله» والانفصام السياسي

GMT 08:58 2025 الجمعة ,25 إبريل / نيسان

هزتان ارضيتان تضربان تركيا بقوة 4.5 و4.6 درجات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab