بقلم - سمير عطا الله
في جلسة صحافية غلب عليها السَمَر ونقدات الزميل نجم عبد الكريم، تذكر أن «شاعراً»، ظل ينتقدني ثلاث سنوات في مجلة عاشت ثلاث سنين، لكنه أخفق في تذكّر اسم «الشاعر» المشار إليه. وإذ أخذ المشاركون يحزرون عن صاحب الاسم، كان عليهم أن يتذكروا أولاً من تنطبق عليه مواصفات الشاعر. ومع ظرف نجم، بدأت سبحة الأسماء تكرُّ، والسؤال يطرح: هل هو المتنبي؟ لا. شكسبير (وليام)؟ لا، إنه معاصر. نزار قباني؟ لا. لكنه سوري. آه، إنه إذن عمر أبو ريشة أو بدوي الجبل. لا. شاعر حديث؟ عرفناه، أدونيس. لا. الفرزدق؟ يا أخي قلنا معاصر. قالت إحدى عاشقات «حزن في ضوء القمر»، عرفته، إنه محمد الماغوط. اقشعر بدني حزناً وخوفاً، هل يعقل أن يمنحني محمد كل ذلك الوقت؟ ثلاث سنوات أسبوعياً! توسلنا الزميل العزيز نجم أن يوفّر علينا المزيد من العناء. لكنه بدل ذلك أعاد توسيع الشبكة بالقول إن الشاعر قد لا يكون سوريّاً في نهاية المطاف. شعرنا بارتياح: إذن، شوقي أو حافظ إبراهيم، أو صلاح عبد الصبور. هـء. يعني لا.
بدأنا من جديد: بابلو نيرودا؟ لا. غارسيا لوركا؟ مش. روبرت فروست؟ نو سير. طاغور؟ شيء من هذا. اقتربتم. محمود درويش؟ ابتعدتم من جديد، إذن بوشكين؟ لا. ليس روسياً. توقف الجميع عند عجزهم. واقترح أحدنا أن نضع جائزة أو مكافأة لمن يفك الأحجية قبل الذهاب إلى النوم.
هنا فُتح باب متاهة جديدة: ماذا يكون نوع الجائزة؟ مجموعة شعرية؟ روائية، قصص قصيرة؟ علبة سيجار صنع الجمهورية الفنزويلية؟ نارجيلة مع مؤونتها من التنباك المعسّل لمدة 12 يوماً.
ازداد الهرج والمرج. وعلت الأصوات في ردهة الفندق حتى خفنا من الطرد. لكن الشعور بالتحدي ارتفع أيضاً ولجأ عددٌ كبيرٌ من السمّار إلى هواتفهم يستعينون بها على لائحة الأسماء. وفجأة هتف أحدم: وجدته. وجدته. إنه هوميرس.
وضحكنا جميعاً. فالشاعر المقصود ليس ملحمياً بالتأكيد. ولا يونانياً. لأن المجلة التي كان يكتب فيها هجائياته كانت تعيش على المعارك الصغيرة، والدليل أنه عندما انتهت معاركها طوت صفحاتها وكتّابها وشعراءها وغادر الشعراء من متردم كما في معلقة ابن شداد. أخيراً لمعت ذاكرة الزميل، وخيَّم صمتٌ هائلٌ وهو يعلن اسم الشاعر المعني: السيد نوري الجراح، وهو ناثر أيضاً.