بقلم - سمير عطا الله
أيضاً من كتاب «أقنعة أفريقيا» للأديب الهندي ف. س. نايبول: كان هوفووات بوانيي، أول رئيس استقلالي لدولة ساحل العاج، رجلاً يحب العمران. وقد بنى في بلديته الصغيرة يامو سوكورو التي تبعد 150 ميلاً عن العاصمة أبيدجان، كاتدرائية أراد لها قبة أعلى من قبة الفاتيكان في روما، وتَكلَّف ذلك نحو 400 مليون دولار قيل إنها كانت السبب في إفلاس الخزينة. والمشكلة الكبرى التي واجهها أنه لم يجد عدداً كافياً من المصلّين. ففي ذروة حشودها لم يرتفع عددهم عن 900 شخص. ومن جملة ما أنشأ الرئيس العمراني، حديقة خارج قصره بدأها بالتماسيح. وكل مساء كانت مجموعة كبيرة من الناس تتفرج على حارس الحديقة وهو يرمي للتماسيح قطع اللحم الكبيرة وأعداداً من الدجاج الحي. بقدر ما كان المشهد مسلياً، بقدر ما كان أيضاً مرعباً للمواطنين الذين صدّقوا أن للرئيس قدرات خارقة تسلمها من طبيب القرية وهو لا يزال شاباً. غير أن تلك القدرات لم تشمل شفاءه من مرض البروستاتا وهو في الثامنة والثمانين. إلا أنه ظل حتى اللحظة الأخيرة «أب الشعب»، و«العجوز الطيب»، و«الرجل الكبير».
في جملة ما أنشأ أيضاً حاجز إسمنتي يبلغ طوله تسعة أميال حول قصره. ويقال إن الكثير من الممارسات الغامضة كانت تدور خلف ذلك السور. ويُروى أن الكثيرين من خدم الرئيس ماتوا وراءه كما هي التقاليد. وتوفي في جنازته «المئات» لأسباب غير معروفة إنما لها علاقة بالسحر. ومثل «هوفووات» كان كثيرون يؤمنون بالأسطورة الهندية القائلة إن العالم يجلس فوق ظهر سلحفاة. كما كان المصريون القدامى يعتقدون أن التمساح حيوان مقدس.
بعد وفاة الرئيس الساحر دخلت البلاد في اضطرابات كثيرة، وزال خوف كثير، وظل ناس يتفرجون على مشهد التماسيح خارج القصر، ولكن كأنه مشهد مألوف لم يعد يخيف أحداً.