هبط بعيداً عن كفرون

هبط بعيداً عن كفرون

هبط بعيداً عن كفرون

 العرب اليوم -

هبط بعيداً عن كفرون

بقلم - سمير عطا الله

بين آثار حليم بركات الجميلة قصة قصيرة كتبها في الستينات بعنوان «اهبط أيها الموت إلى كفرون».

وكفرون هي قريته في سوريا. والقصة موت والده. وبعد وفاة الأب جاءت أرملته مع أطفالها إلى بيروت تبحث عن عمل. بالكاد تدبرت أجرة الباص. وفي بيروت عثرت على غرفة على مدخل أحد المباني، فاستأجرتها لقاء العمل في تنظيفها. وكانت تخرج كل يوم إلى العمل في منازل أخرى.

فاتني القول إنه عندما وصلت العائلة إلى بيروت لم يكن حليم بركات يملك ثمن حذاء فانتعل «قبقاباً» (شبشباً) خشبياً، كما سيروي في سيرته النبيلة «المدينة الملونة». تعرفت إلى الرجل النبيل عندما كان أستاذ العلوم الاجتماعية في الجامعة الأميركية قبل حوالي نصف قرن. وبعدها بقليل شبّت الحرب وانتقل إلى واشنطن أستاذاً في جامعة جورج واشنطن. وقد جاء نبأ غيابه قبل أيام وحيداً في بيت للمسنين في العاصمة الأميركية. وفي صدره كفرون وبيروت.

كل مكان آخر كان يسميه منفى، لا يتواءم مع بساطته، ودِعَتِهِ، وحياة القبقاب الخشبي، وذكرى الأم العاملة في المنازل، والغرفة تحت الدرج على مدخل المبنى في رأس بيروت. عندما تعرفتُ إليه كنت أتوسط لديه في شأن أحد تلامذته. وتساءلت يومها في نفسي من أين هو هذا الأستاذ المتحضّر؟ كان يشع علماً وتواضعاً، وخصوصاً ثقة بالنفس. وكم شعرت بالصغر عندما قرأت فيما بعد أنه جاء إلى بيروت فتى يتيماً ينظر الناس إلى قبقابه الخشبي ويضحكون. قبل 23 عاماً استضافتنا إذاعة دمشق في برنامج مدته ساعتان، للحديث عن مشارف القرن. كنا في الاستوديو، وزير التربية السوري السابق وأنا، ومن واشنطن حليم بركات. بعد انتهاء الساعة الأولى اعتذر حليم عن عدم البقاء ساعة أخرى، وكانت الدنيا رمضان فقلت له وهو يستأذن: سهَّل الله عليك. لا بد أنه موعد الإفطار عندكم. وبكل خلقةٍ خفرةٍ قال: ألا تعرف بعد كل هذا العمر، أنني لست مسلماً؟ حقاً كيف للمرء أن يعرف.

كانت أم حليم أميّة، ولذا أدركَت أن الحل الوحيد أمام أولادها الثلاثة هو العلم. وأرسلت حليم إلى مدارس الأيتام. وسوف يصبح هذا الفتى الحزين الأغرّ وجهاً من وجوه الأكاديمية وأستاذاً في هارفارد بين مقاعد أخرى. وسوف يكتب سيرته الذاتية في روايات كثيرة وعناوين شتى، جميعها تخبئ حكاية موت مبكر في كفرون. هو، هبط موته في مأوى للمسنين، على ضفاف البوتوماك، أتخيلهُ يعتذر من الموت وهو يقترب منه في شيء من العتب متسائلاً، لعلك أخلفت مواعيد كثيرة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هبط بعيداً عن كفرون هبط بعيداً عن كفرون



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab