بقلم - سمير عطا الله
كان السلطان سليم، أو سليمان القانوني، أحد أقوى ملوك الأرض في القرن السادس عشر. وكان بالتأكيد أشهر وأهم ملوك الإمبراطورية العثمانية. لكن هذا الرجل المحاط بآلاف الجواري سوف يقع في حب جارية هي ابنة كاهن روسيّ. كان اسمها «هوريم» أي (فرحة). وكان يكتب لها باسم مستعار رسائل الهوى والعشق، فيما هو يقود أشد المعارك ضد الفرس أو المجرييّن. ولعل أشهر تلك الرسائل هي التالية:
«عرش مكانتي الوحيدة، ثروتي، حبي، ضوء القمر.
صديقي الصادق، صديقي المقرب، وجودي ذاته،
سلطانتي
أجمل ما لديّ بين الجميلات...
ربيعي، وجه المرح والحب، نهاري، حبيبتي، ورقّة الضحك...
نباتاتي، حلوتي، وردتي هي الوحيدة التي لا تزعجني في هذا العالم...
بلدي إسطنبول، بلدي كارامان، أرض الأناضول بلدي
بلدي بدخشان، بلدي بغداد، خراسان بلدي
امرأتي ذات الشعر الجميل،
حبي للجبين المائل، حبي للعيون المليئة بالشذى...
سأغني مديحك دائماً...
أنا عاشق القلب المعذب، محب العيون المليئة بالدموع، أنا سعيد».
حوالي عام 1521 أنجبت فرحة السلطان الوريث الذَكر. وكان التقليد يقضي بأنه يحق له مولود واحد من الجارية. لكنه تزوجها العام 1533 وألغى التقليد الثاني الذي يمنع زواج السلاطين من الجواري. ولعبت فرحة دوراً هائلاً في السلطنة وحاكت مؤامرات كثيرة أدت إحداها إلى قتل مصطفى، أحد أبناء القانونيّ. توفيت فرحة العام 1558 قبل سليمان، لكنها كانت قد تدبرت قبل ذلك أن تعطي الخلافة لابنها السلطان سليم 1566. من رسائل فرحة إلى السلطان ما يأتي:
«سلطاني، لا يوجد حد لحرقة الفراق. الآن وفر هذا البؤس ولا تحجب رسائلك النبيلة. دع روحي تكسب على الأقل بعض الراحة برسالة... عندما أقرأ رسائلك النبيلة، يبكي خادمك، ومحمد وعبدك، وابنتك مهرماه وينتحبون من افتقادك. لقد دفعني بكاؤهم إلى الجنون، كما لو كنا في حداد. سلطاني، ابنك مير محمد وابنتك مهرماه وسليم خان وعبد الله يرسلون لك الكثير من التحيات ويفركون وجوههم في التراب عند قدميك».