مفكرة القرية أعزلان

مفكرة القرية: أعزلان

مفكرة القرية: أعزلان

 العرب اليوم -

مفكرة القرية أعزلان

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

قبل الدخول إلى منزل القرية، أقوم بجولة من حوله. أتأمل وديان الصنوبر التي يطل عليها. وسلسلة التلال البعيدة التي تطل عليه. ومن ثم، حوله مباشرة، مسكبة الورد الجوري البرّي وورود أخرى. هذا اليوم الماطر وقفت على حافة الحديقة الترابية المنحدرة، ففوجئت بمنظر حزين. في أسفل الحافة طائر بوم رمادي يقف ساكناً لا يتحرك، وقد فقد الكثير من ريشه عند الصدر. وقفت أتطلع به، فتطلع بي بأسى، لا يعرف إن كنت سوف أطرده أو أساعده. ووقفت أتطلع به لا أدري ماذا يجب أن أفعل. أنا أيضاً أعزل وجاهل في حالات الطوارئ. ولم يخطر لي مرة أن البوم تظهر في النهار وعلى مثل هذا العَجز. نحن نعرف أنه طائر ليلي لا يُرى، ولا يكفّ عن الشكوى، ولا أعرف لماذا سمَّت العرب صوته «الهند» وأعطته اسم السيف، ربما بسبب حدة منقاره الجارح، لكنّ هذا المسكين أمامي لا سيف ولا حدّة، مستسلم لا يعرف لماذا. أو لعله يعرف ويزداد استسلاماً وسكوناً.
تجمّدنا، هو وأنا. وأفظع شعور يتملك الطير أنه لم يعد قادراً على الطيران. فما إن يفقد أمه صغيراً، حتى يتعلم أنه لم يعد له سوى جناحيه والشجر. وعندما يكون له جناحاه يشعر أن كل البراري والأشجار ملك له، لكن من دون جناحيه ليس قادراً على أن يصعد هذا المنحدر الصغير. أو لعله لا يريد. لأنه إذا ما اعتلى الحافة الترابية فسوف يصبح مشرعاً للبرد وسوف ينهمر فوقه المزيد من الأمطار. وسوف تهطل في كل مكان خيراً وخصباً، إلا فوق صدره العاري ووجهه ذي التكاوين الكئيبة والعينين الكئيبتين.
فكرت –وكان هو يفكر معي- أن أنقله إلى داخل البيت. ولكن لعنايةٍ مَن أتركه بعد أن أعود إلى بيروت في المساء؟ مَن سيطعمه ومَن سيفتح له الباب عندما يصبح قادراً على الطيران؟ وشعرت بحنق غامض عليه، لماذا وضعت نفسك ووضعتني في هذا المأزق؟ لماذا من كل بيوت القرية لم تنتقِ إلا الأقل تدبيراً في شؤون الطيور؟ هل كان ينقصني المزيد من عُقد الذنب والشعور بغابات العلقم التي أصبحت تنمو سريعاً في كل هذه الجمهورية؟
دخلت إلى المطبخ وعدتُ ومعي في المرة الأولى والثانية والثالثة، ما اعتقدت أنها مؤونة معقولة. خبز وقمح، وفتحت علبة بولابيف، وضعتها في صحن مفتوح، ومعها كل ما اعتقدت أنه قد يتناوله. بعدها فقط دخلت إلى البيت، وانصرفت إلى رتابة الحياة في الجبل أو المدينة أو الطائرة المسافرة إلى نيويورك: قراءة وكتابة ومتعة الهدوء المطلق. وقبيل الغروب، تهيأت للعودة، ثم تذكرت أن أتفقد البوم. كان لا يزال هناك، شاخصاً وحزيناً، لم يمدَّ منقاره إلى شيء.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية أعزلان مفكرة القرية أعزلان



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab