بقلم:سمير عطا الله
انتقى هنري كيسنجر لكتابه «الزعامة» ستة نماذج تاريخية معاصرة: المستشار الألماني كونراد أديناور، والجنرال شارل ديغول، ومؤسس سنغافورة لي كوان يو، ومارغريت تاتشر، وريتشارد نيكسون، وأنور السادات.
أعاد كيسنجر كتابة سيرة هذه الشخصيات الاستثنائية في القرن الماضي. وغني عن القول أنه كتب عن الجميع بإعجاب، معتمداً أسلوبه الشهير في التحليل الاستراتيجي، ومنقباً عن شواهده في أحداث القرن العشرين، التي عاشها وعايشها، في أدق وأخطر المراحل.
من الصعب طبعاً اختصار مؤلَّف من 500 صفحة، هو في الحقيقة خلاصة قراءته للرجال الذين صنعوا الكثير من العالم، الذي نعيش فيه. لكن مع تحرك هذا العالم على إيقاع الرئيس دونالد ترمب، تحسن العودة إلى دراسات السياسي والأكاديمي الأميركي لهذه الظاهرة وما شابهها من أمثال. يقول كيسنجر إنَّ الكلمة المطبوعة فقدت الكثير من تأثيرها أمام الصورة، وصار الإنسان «يقرأ» الصورة بدل الكلمة. وينقل عن لي كوان يو قوله إنه تبيَّن له من مراقبته الحملة الانتخابية أن السر في الفوز هو الطاقة الإعلانية. في منزل كل أميركي حفلة ترفيه يومية تحول السياسة إلى سلوى. قال كيسنجر ذلك قبل أن يظهر في الحملات السياسية رجل يؤدي بلا انقطاع جميع أنواع التمثيل و«لغة الجسد»، أو بالأحرى لغة الوجه وما يرسمه بها.
الأرجح أنَّ ما من رئيس أو مرشح أدَّى هذا الدور الطبيعي في «عالم الصورة»، كما فعل ويفعل الرئيس السابع والأربعون. لقد أدرك ما عرفه الجميع: الصورة أكثر إثارة للمشاعر والعواطف بكثير من الكلمة المكتوبة. ولا شك أنَّه أتقنها في السخرية من خصومه ورسم علامات الازدراء والتحقير والتجاهل وغيرها.
إلا الابتسامة. لا أدري إن كان الرجل دائم الحركة والإيماءات، ضُبط مرة مبتسماً.
في عصر الصورة والإنترنت علينا أن نتوقع «مؤثرين» و«متابعين» كما يقول كيسنجر، الذي يضيف: «ويجب ألا نتوقع ظهور قادة مثل تشرشل وروزفلت وديغول».